مصاب له ركن الهدى قد تهدّما = و عين المعالي جفنها يقطر الدما
لفقد الّذي لولاه ما در شارق = و لا سطحت أرضٌ و لا رفعت سما
و لولاه رب العرش ما خلق الورى = جميعاً و لم يخلق من الأرض آدما
لفقد النبي المصطفى خير من مشى = و من طوّق الدنيا جمالاً و أنعما
و لم أنسه و القلب منه ممزق = على فرشه ملقىً يئن تألّما
و من حوله الزهراء ولهى كئيبة = تئن على ساحاتها الحزن خيّما
تنادي ألا يا والدي قد بدا الأسى = بقلبي و بالأرزاء دهريَ غيّما
أبي يا أبي قد كنت حصناً و معقلاً = إليّ وهذا اليوم حصني تهدّما
أبي هاهما سبطاك حنّا و هذه = رحى الكرب و الآلام عليهما
و حولك طافا يبكيان بلهفة = بدمعٍ حكى مرجان عقدٍ تنظّما
و هذا حسين و الأسى ملء قلبه = يحن و منه الجفن بالدّمع قد همى
ينادي: ألا يا جدّنا و عمادنا = و يا من لنا كهفاً و يا من لنا حمى
و جاء الزكي المجتبى و هو باكياً = عليه و منه القلب زاد تألّما
ألا يا أبانا حزننا اليوم ماله = مثيل فبلوانا شواظ تضرّما
و سبطاه طافا حوله يبكيانه = بنفسٍ عليها لاعج الحزن خيّما:
أيا جدّنا بانت لفقدك وحشةٌ = علينا و هذا البيت بالحزن أظلما
ألا يا أبانا جد إلينا بنظرة = فذا ركننا منّا وهى و تهدَّما
أيا جدنا نار الفراق تصاعدت = بأحشائنا و الدمع كالدرّ قد همى
أيا جدَّنا يا خيرة الله من لنا = إذا غبت أن يحنو علينا و يرحما
و ضم النبي المصطفى ابنيه قائلاً = بحرقة قلبٍ: يا بنيَّ عليكما
سلامٌ فإن الدهر شتَّت شملنا = فصبراً جميلاً فالفراق تحتما
و لما دنا المحتوم من سيد الورى = فغمض عينيه و لله سلّما
قضى نحبه فالروح فاضت لربها = و ضجت له الأملاك و الأرض و السما
و ضجت له ست النساء بعولةٍ = بجفن به حمر المدامع كالدما:
أيا والدي محرابك اليوم خالياً = أيا والدي ريحانتاك تيتما
أيا والدي ضيّعتني اليوم ضيعة = فبعدك مالي من حميٍّ و لا حمى
ألا يا رسول الله يا خير مرسلٍ = مصابك قد أبكى الحطيم و زمزما
عليك صلاة الله ما در شارق = و آلك ما در السحاب و نمنما