صلاةٌ في مِحرابٍ
سنة 2017
سَنِيُّ المُنى جارٍ وإنْ فاتَهُ الفتْحُ = وما اللَّيلُ إلَّا جِنَّةٌ لُبُّها الصُّبْحُ
ولولا تَوَخِّي حَبَّةٍ عُتمةَ الثَّرى = لَمَا اصطَفَّ جَيشًا في سَنابِلِهِ القَمْحُ
وَكَم شامخٍ يُضني النَواظرَ ما لَهُ = مَقاصِدُ إلَّا والجِراحُ لَها سَفْحُ
أَجَلْ هذهِ الدُّنيا سَرابُ ذَوِي العَمى = وقد وَهَبُوها ما تَخُطُّ وما تَمحُو
تَعَلَّقها تيهًا خَناهُم وَأُشرِبُوا = هَوَى عِجلِها كَأسًا فَكَأسًا فلمْ يَصْحُوا
ولكنَّ في الأفقِ المغيَّبِ أنْجُمًا = ترشُّ أريجَ الضَّوءِ فَهْوَ لها نَفْحُ
وتُسقَى زُعافَ الهَمِّ حافِلةً بِهِ = يُصافِحُ طَعْناتِ الدُّجى نُورُها السَّمْحُ
وَيَلقَفُ أغراضَ القَداسَةِ طَرْفُها = لِتَنمُوْ تلالُ الدَّمْعِ حَتَّى عَلا الصَّرْحُ
فلو رَمَقَتْ حِلمَ السَّماءِ بِغَضبَةٍ = لَساخَت دُنًى لكِنَّ شِيمَتَها الصَّفحُ
فَتُرخِي أكُفًّا مِثلَ أجنِحَةِ القَطا = لِتَسخُوْ عُيونٌ كُلَّما مَسَّها القَرْحُ
فَيا لَهْفَ أحداقي على خَيرِ مَعشَرٍ = تَجارى فلا كُمٌّ يَرُدُّ ولا مَسْحُ
تطوِّقُني ذاتُ الطُّفوفِ ولم يَزَلْ = على مُلتَقى الذِّكرى يُزَلزِلُني الضَّبْحُ
فَلَيسَ البُكا إلَّا سِهامًا بمُقلتي = ومِن لَجَبِ التَّذكارِ في أضلعي رُمْحُ
أَبِيتُ بِهِم في حَسرةٍ تُحرِقُ اللَّظى = خَصيمَ الكَرى والنَّومِ ما طابَ لي صُلْحُ
على أنَّني أُسْقَى اللياليَ قِبلةً = إذا ما دَنا مِحرابُها شَطرَها أنْحُو
فأنَّى لجَفني رَقدةٌ وصَباحُهُم = سَحيمٌ كَجُبِّ اللَّيلِ ليسَ لهُ فَسْحُ
رَأوْا مِنْ بقايا أمَّةٍ كَفَّ حَظُّها = مثالِبَ لَو قُصَّتْ لَهُ ذَمَّها القُبحُ
على حَسَكِ الرَّمضاءِ باتَ مَحلُّهُم = فلِلرَّملِ ذَرٌّ والهَجيرُ لَهُ لَفْحُ
عُطاشى بِلا ساقٍ وَهُم أنعُمُ السَّما = على النَّاسِ والدُّنيا نَدَى يَدِهِم سَحُّ
تعاوَرَتِ الأزمانُ أنَّةَ جُرحِهِم = إذا ما شكا رَدْحٌ قَضى بِهِمُ رَدْحُ
فلا غَبَطَت صُمُّ الفلا غيرَ صَبرِهِم = ولا جالَ في ذِهْنِ الفَضائلِ ما ضَحُّوا
ولا سِيَّما مُلقًى غَزَتهُ مَلائكٌ = بِرَمضائهِ تتلو فَطالَ بِها السَّبْحُ
وبي ما بِها أشدو هَواهُ مُصَرِّحًا = فما زادَني راضٍ ولا صَدَّ مَن يَلْحُو
أيا كَوثرَ الباري وخامِسَ خَمسةٍ = عَلَوْا قبلَ أنْ يُعلِي السَّماءَ وأنْ يَدْحُو
ويا سَيِّدَ الجنَّاتِ إذْ بِكَ تُشتَهى = وَكَيفَ يَحِلُّ الزَّادُ لَو حَرُمَ المِلْحُ
فأَنْتَ الصِّراطُ المُستقيمُ الذي بِهِ = نَفِرُّ خِفافًا والجحيمُ لهَا جَمْحُ
وأنتَ لَنا الشَّمْسُ التي نستظلُّها = فبَهجَتُها حِلٌّ ومأمَنُها نَزْحُ
وأنتَ لنا الحُبُّ العُضالُ الذي سَرَى = فيا سَعدَنا مَرضى وَضَيعَةَ مَنْ صَحُّوا
مُنِعْتَ مِنَ الدُّنيا مُنِحْتَ بقاءَها = فيا خيرَ مَنْ صَلَّى لَهُ المَنعُ والمَنْحُ
فَلَستَ كإسماعِيلَ صَبرًا يَرى الرَّدى = ولكِنْ شَغوفٌ يُستَطابُ لَهُ الذَّبْحُ
وإنْ يَكُ مُوسى عُقدةُ البَوحِ هَمُّهُ = فألواحُكَ اللُّجُّ الذي ما لَهُ شُحُّ
وما نارُ إبراهيمَ نارَكَ إذ بَغَتْ = إلى كُلِّ ثَوبٍ مِنْ ذَويكَ لها جَنْحُ
ولا صَلبُ عِيسى قَبلَ مَنجاةِ رَبِّهِ = كدامٍ ثلاثًا لا يَنامُ لَهُ جُرْحُ
أراها عَلى الجُودِيِّ لَولاكَ ما استَوَتْ = وَلا جازَ نُوحٌ والخِضَمُّ لَهُ طَفْحُ
أقدِّسُ بَرقًا في جبينِكَ غائرًا = غَزيرَ حياءٍ فالدِّماءُ لَهُ نَضَحُ
وجَفنًا يعضُّ الدَّمعَ قد عَقَرَ الدُّجَى = فليسَ أمامَ الشَّامِتِينَ لَهُ سَفَحُ
غَدَوتَ بِآلٍ كالشُّموسِ وصحبةٍ = خِيارَ السَّما كانُوا وكانَ لها النَّقْحُ
يُسِرُّونَ آناءَ الليالي قيامَهُم = وبالذكرِ أطرافَ النهارِ لهُمْ صَدْحُ
سفينتُكَ المَنْجَى ويأباكَ عاثِرٌ = ألمَّ بِهِ قَعْرٌ وأنْكَرَهُ سَطْحُ
سيُنفَخُ في صُورٍ لِينقلبَ الوَرَى = إذا ما تَجَلَّى الجِدُّ وانحَسَرَ المَزْحُ
فما لِعُتُوِّ النَّافِرينَ سِوَى لَظًى = إذا عزَّ في دنياهمُ اللَّجْمُ والكَبْحُ
لقد زِدتَهُم في النُّصحِ مَنقَصَةً فلا = أرى يَنفَعُ المَوتى الهِدايَةُ والنُّصحُ
لَكَ السَّابحاتُ الغُرُّ داميةَ المَدى = على أبجَدِيَّاتِ الدُّهورِ لَها نَدْحُ
فكم نَبَحَت سُودُ الخُطوبِ صَهيلَها = فكانَ لُهاثُ البؤسِ ما كَسَبَ النَّبحُ
وهل نَقمَ القالونَ إلَّا لِعِلمِهِم = بأنَّ عَطاءاتِ الحُسَينِ بِهِم قَدحُ
بِمدحِكَ حَمدٌ للإلهِ وقُربةٌ = أيا نِعمَةً فيها استَوَى الحَمدُ والمَدحُ
ويا مُصْحَفًا أعيى نُهًى مُتَشابِهًا = ويا مُحكَمًا ما شَفَّ أفئِدَةً شَرْحُ
فَما في ذِهابِ النَّفسِ إلَّا مَفازةٌ = بِدَربِكَ نَمضي فالفناءُ بِه ِربحُ
أقولُ ِلِمَن لم يَتَّخِذكَ وجودَهُ = كفاكَ غِيابًا فالمُقامُ كَما اللَّمحُ
فَحُجَّ حُسَينًا صُمْ حُسَينًا وصَلِّهِ = بِغَيرِ حُسَينٍ لَيسَ يَنفَعُكَ الكَدحُ