توبَةُ الدمعِ الأخيرةِ
سنة 2015
تعَلَّمتُ فَنَّ الحُزنِ مُذ كُوِّرَ الدمعُ=ومُذ كانَ للسيماءِ في ناظِري سمعُ
شدَدْتُ السُّرى عودًا نجيّاهُ والِهٌ=يحاكي فَمَ الديجورِ والآخرُ الشّمعُ
بهِ مائساتُ العينِ تُبدي لُحونَها=وناسِكُها رِجلاهُ أضناهُما القَطعُ
وما مِلتُ كُلَّ الميلِ في ذاتِ نشأتي=ولَكِنَّ ذاتَ الميلِ في نشأتي طبعُ
فمِنْ سطوةِ الآثارِ يبتَلُّ مَقدَمي=ومِنْ هدأةِ الأنفاسِ يُستَحكمُ الشَّرعُ
كذلِكَ كانَ الماءُ في حينِ صحوةٍ=فكانَتْ بحارُ الأرضِ في مِحجَري النَّبعُ
وصافَحْتُ لونَ البحرِ حينَ اشتِدادِهِ=لكِي أمنَعَ الإشراقَ يحلو لهُ رفعُ
فأُحجِيَّتي ثكلى، وقولي مُوَدَّعٌ=بأفئدةٍ عَطشى تناهَبَها الصَّرْعُ
وأخشى يكونُ الفجرُ ميناءَ جمرَةٍ=تَلَقَّفُ كُلَّ الصَّحبِ أو منهُمُ بِضعُ
كما نُطفَةِ الفِردوسِ في طفِّ قوَّتي=تكبَّدْتُ نارَ الضَّعفِ فاسّاقَطَ اليَنْعُ
لَكَمْ عادَتِ الأوثانُ في واتِرِ الرُّشى=وكَمْ جاهَدَت كفّي وكَمْ سَلَّها خُنعُ
يعودُ ابتِداءُ العامِ كالعامِ قَبلَهُ=فأمتَدُّ في مَنفايَ إنْ هالَنِي القَرعُ
وفي توبَةِ الناجِّينَ كانَتْ عِنايَةٌ=يرَتِّلُها جفنايَ والخُنَّعُ ال دُعُّوا
على غفوةِ الآثامِ ألحَدْتُ مُعجَمِي=وأرَّختُ يومَ الطَفِّ فاستيقظَ السَّجعُ
تدَارَكتُ سهوَ الثّغرِ عندَ امتِدادِهِ=بفرضِ امتِدادِ الفرعِ مُذ رُمِّلَ الفرعُ
وآوَيتُ نزفَ القلبِ في وِردِ هِمَّتي=فطينَتُها ذا الثُّلثُ أو رُبَّما الرُّبعُ
وأسبَغتُ مِنْ أحشاهُ إعجازَ سَجدَةٍ=تناوَبتُها في التَّوبِ وارتادَها الرَّكعُ
بِحُزني أنا خطوٌ إلى نزعَةِ الهُدى=وفي لُجَّةِ الميزانِ يُستَرشَدُ النَّزعُ
ترافِقُنا الأشياءُ والدهرُ والسّما=وَتُسعِفُنا الأزمانُ إنْ ساقَنا رَدعُ
رأينا ارتِشافَ العِشقِ في بوحِ أعظُمٍ=تُسامِرُ ما قَد جفَّ مُذ عُطِّشَ الضِّلعُ
ولَجَّت بنا الأسفارُ في موجَةِ النُّهى=عَنِ السِّرِّ، عَنْ ما كانَ يزهو وما الزرعُ
وعَنْ ما استعارَ الماءُ مِنْ غَزلِ أذرُعٍ=بدَتْ فوقَ خَدِّ الشمسِ كالضوءِ لا يَرعو
لغاتُ النّدى بيضاءُ في بعضِ حُمرَةٍ=سقَتْ فتيةً صَرعى على دَكَّةٍ شَعُّوا
فكانوا هُداةَ الليلِ في رِحلةِ الفِدا=وقيلَ لديهِم في حياةِ الدُّنا رجعُ
وكانَتْ سَماهُم مِنْ حكاياتِ شوقِهِم=وأنفاسُهُم سُوْرٌ وحِنَّاؤهُم دِرعُ
لثَمنا ثراهُم حيثُ لا لَثمَ بعدَهُ=سِوى قائمٍ يُوحَى إذا ذَلَّنا الرَّوعُ
بُكانا امتِدادُ القطرِ مِنْ دمعِ زينبَ=وعزمٌ أفاضَ الحَقَّ مُذ شُرِّعَ الصفعُ
وقيدٌ أذاقَ الأُختَ موتَ كفيلِها=فكانَ الذي تَخْشى وكَمْ في النَّوَى لَسعُ
سمِعنا استغاثاتِ النسائمِ في الجَوى=فأَوجَزَنا العبّاسُ والماءُ والوَقعُ
ولَوَّنَنَا الإيثارُ والمنحُ كيفَ ما=وأنسنَنَا مولاهُ وهي/الدِّما نَقعُ
علانيَةً نرتاحُ في حومَةِ الرَّدى=ك"أبيَضَ يُستَسقَى" أحاطَ بِهِ الجمعُ
ففحوى اجتياحِ العشقِ مرثِيَّةَ الهوى=هُمُ آيةُ المشكاةِ والأنجُمُ التسعُ
بِها لُبَّةُ الأذهانِ والوجدُ والدِّما=تعانِقُها الأملاكُ والسبعُ والسبعُ
هُناك استوى الأحياءُ فوقَ رِمالِها=وأحيَوا بزَهوِ الموتِ ما أفسَدَ الطَّلعُ
وكانَتْ بقاعُ الأرضِ في تُربِ كربلا=وكانَ لِكُلِّ الخلقِ في قلبِهِ وسعُ
حسينٌ وبعدَ النونِ لا كَونَ يُبتَدى=فإنْ لم يكُنْ معناهُ باتَ المَدى بَدعُ
تَكبَّدَ خوضَ الموتِ كي يُخجِلَ الفنا=ويَبعَثَ دينَ اللهِ حيًّا لهُ ضوعُ
فأثخَنَهُ الحُسَّادُ حتى مماتِهِ=وما اهتَزَّ فوقَ الرُّمحِ إلا لِكي يدعو
وأسرَجَ تُربَ الطَّفِّ كي يُسرِعَ الخُطى=إلى قبرِهِ الناجونَ إنْ دلَّهُم طَوعُ
وفي غُمرَةِ الأحشاءِ غاصَتْ سهامُهُم=لِيقضي لنا نِطعًا إذا خانَنَا النِّطعُ
وباعَ الدَّمَ السيّالَ مِنْ نحرِهِ لِكي=يُسَنَّ بِنا للهِ مِنْ قَطعِهِ بيعُ
وحيرَتُهُ الحَسرى تُبَدِّدُ حيرةً=بساعَةِ لا ضُرٌّ يكونُ ولا نفعُ
سوى وقفةٍ ل (الحُرِّ) تُعْلِي جِنانَهُ=إلى دمعةٍ يَخبو إذا مَسَّها اللفعُ
لنا في خُطى العُشّاقِ خطوٌ مؤكَّدٌ=ولا شكَّ مِنْ كفَّيهِ يُطوى لنا قِطعُ
فنُصرَتُهُ حتمٌ وما ثَمَّ حائلٌ=فقدْ فازَ والأنصارِ في كربلا شَسعُ