زَينَبُ دَرسُ الإباءِ
سنة 2015
اليومَ زينبُ في الطفوفِ مُعَلِّمَة=درسُ الإبا كُلٌّ عليهِ تَعَلُّمه
تمشي تَخُطُّ حِكايةً أذيالُها=وتجُرُّ آهاتِ الأسى المتفاقمَة
الشَعرُ شابَ مِنَ المُصابِ وعُظمِهِ=والشِّعرُ يَذكرُ بعضَهُ ما أعظَمَه!
لَمّا أتاها الخَيلُ دونَ رفيقِهِ=عَرِفَت بملقاهُ انقِضاءَ ملاحِمه
وتَتَبّعت أثَرَ الدِّماءِ بِلوعَةٍ=وكثيرِ شَجوٍ والعِدا مُتزاحِمَة
تمشي وتَعثَرُ تارَةً بدُموعِها=تَترى المَصائِبُ والنَوائِبُ قاِئِمَة
قد بَلَّلَت مَطرًا مدامِعُها الثَرى=فالعينُ مِنْ بأسِ الرَزيّةِ غائِمة
فتوجَّهَت أُختُ الغَريبِ سَريعةً=وهَوَتْ عليهِ مِثلَ صَقرٍ هاجِمة
فبَدا مِنَ الأحشاءِ صوتُ تَكَسُّرٍ=إنَّ العِظامَ هَشيمَةٌ ومُحَطَّمَة
وتخاطِبُ النفسَ الطريحةَ بالوَغى=والرَأس أحنَتهُ وكانَتْ لاطِمَة
لو كُنتُ أعلمُ غُربتي لِفراقِكُمْ =ما كُنتُ للميمونِ يومًا لاجِمَة
لا جَهدَ دُونَكَ لي أنا، مَحزونةٌ=مَكروبةٌ، وكذا الفجائِعُ قاصِمَة
وتنوحُ يا بنَ أبي لِمَنْ خلَّيْتَني؟=هل لي لِغيرِكَ حاجةٌ ومُساهَمَة؟
فإذا بِشِمرٍ بالسّياطِ يَهُزُّها=تبًّا لها تِلك الأيادي الآثِمَة
صاحَتْ تئنُّ مِنَ العَذابِ وضَربِهِ=بِنتُ الوَصِيِّ حَزينةً مُتألِّمَة
تُخفي الظَما والضَيْمَ في أحشائِها=حتّى تَحَدَّثَ قلبُها بالتَمتَمة:
"عَباسُ" يا سَندي وذخري مِنْ أبي=أينَ الإباءُ وغيرتي المُتلاحِمَة؟
صوتٌ مِنَ الأنحاءِ جاءَ مُخاطِبًا=رَجَّ المَكانَ صُداحُهُ وتَكَلُّمه
أُختاهُ قد فَطّرتِ قلبي بالبُكا=ما لي على قطعِ اليدينِ مقاومَة
يا بِنتَ حَيدَرَ يا هَديّةَ ربِّهِ=ما لي إليكِ تَمكُّنٌ يا عالِمَة
سَمَّاكِ رَبُ العَرشِ جَلَّ جلالُهُ=ومَلائِكُ الرحمانِ كانَتْ حائمَة
وبِكربلاءَ اليومَ هَولُ مُصيبةٍ=حَضَرَ الكثيرُ مِنَ السَّماءِ القاتِمَة
اللهُ قد بَعَثَ الرسولَ وبِنتَهُ=وأبوكِ في ألَمٍ يَعُضُّ مباسِمَه
فاليوم يضربُكِ اللّعينُ تَجرُّؤًا=دونَ اكتراثٍ للنَبيِّ وفاطِمة
خَرَجَتْ إلى الشامِ الخؤونِ ذَليلةً=لا مَن يُعزِّيها وينصبُ مأتَمه
البعضُ لا ينهى وقوعَ دَنيئَةٍ=حتّى إذا سُلِبَ الحُسينُ وخاتَمه
لو كانَ أيوبٌ هُناكَ بكربلا=لأنالَها للصَبرِ كُلَّ الأوسِمة