اليومَ زينبُ في الطفوفِ مُعَلِّمَة=درسُ الإبا كُلٌّ عليهِ تَعَلُّمه تمشي تَخُطُّ حِكايةً أذيالُها=وتجُرُّ آهاتِ الأسى المتفاقمَة الشَعرُ شابَ مِنَ المُصابِ وعُظمِهِ=والشِّعرُ يَذكرُ بعضَهُ ما أعظَمَه! لَمّا أتاها الخَيلُ دونَ رفيقِهِ=عَرِفَت بملقاهُ انقِضاءَ ملاحِمه وتَتَبّعت أثَرَ الدِّماءِ بِلوعَةٍ=وكثيرِ شَجوٍ والعِدا مُتزاحِمَة تمشي وتَعثَرُ تارَةً بدُموعِها=تَترى المَصائِبُ والنَوائِبُ قاِئِمَة قد بَلَّلَت مَطرًا مدامِعُها الثَرى=فالعينُ مِنْ بأسِ الرَزيّةِ غائِمة فتوجَّهَت أُختُ الغَريبِ سَريعةً=وهَوَتْ عليهِ مِثلَ صَقرٍ هاجِمة فبَدا مِنَ الأحشاءِ صوتُ تَكَسُّرٍ=إنَّ العِظامَ هَشيمَةٌ ومُحَطَّمَة وتخاطِبُ النفسَ الطريحةَ بالوَغى=والرَأس أحنَتهُ وكانَتْ لاطِمَة لو كُنتُ أعلمُ غُربتي لِفراقِكُمْ =ما كُنتُ للميمونِ يومًا لاجِمَة لا جَهدَ دُونَكَ لي أنا، مَحزونةٌ=مَكروبةٌ، وكذا الفجائِعُ قاصِمَة وتنوحُ يا بنَ أبي لِمَنْ خلَّيْتَني؟=هل لي لِغيرِكَ حاجةٌ ومُساهَمَة؟ فإذا بِشِمرٍ بالسّياطِ يَهُزُّها=تبًّا لها تِلك الأيادي الآثِمَة صاحَتْ تئنُّ مِنَ العَذابِ وضَربِهِ=بِنتُ الوَصِيِّ حَزينةً مُتألِّمَة تُخفي الظَما والضَيْمَ في أحشائِها=حتّى تَحَدَّثَ قلبُها بالتَمتَمة: "عَباسُ" يا سَندي وذخري مِنْ أبي=أينَ الإباءُ وغيرتي المُتلاحِمَة؟ صوتٌ مِنَ الأنحاءِ جاءَ مُخاطِبًا=رَجَّ المَكانَ صُداحُهُ وتَكَلُّمه أُختاهُ قد فَطّرتِ قلبي بالبُكا=ما لي على قطعِ اليدينِ مقاومَة يا بِنتَ حَيدَرَ يا هَديّةَ ربِّهِ=ما لي إليكِ تَمكُّنٌ يا عالِمَة سَمَّاكِ رَبُ العَرشِ جَلَّ جلالُهُ=ومَلائِكُ الرحمانِ كانَتْ حائمَة وبِكربلاءَ اليومَ هَولُ مُصيبةٍ=حَضَرَ الكثيرُ مِنَ السَّماءِ القاتِمَة اللهُ قد بَعَثَ الرسولَ وبِنتَهُ=وأبوكِ في ألَمٍ يَعُضُّ مباسِمَه فاليوم يضربُكِ اللّعينُ تَجرُّؤًا=دونَ اكتراثٍ للنَبيِّ وفاطِمة خَرَجَتْ إلى الشامِ الخؤونِ ذَليلةً=لا مَن يُعزِّيها وينصبُ مأتَمه البعضُ لا ينهى وقوعَ دَنيئَةٍ=حتّى إذا سُلِبَ الحُسينُ وخاتَمه لو كانَ أيوبٌ هُناكَ بكربلا=لأنالَها للصَبرِ كُلَّ الأوسِمة

Testing
عرض القصيدة