يوم محرم
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
إني خشيت بواثق العذال= فكتمت عنهم في المحبة حالي
وأبيك ما إطلعوا علي وإنما= جنت دموع العين بالإهمال
فهنالكم علموا بأني عاشق= والعشق تعلم عرضة العذال
هب أنهم عذلوا وإني سامع= هذيان جهلهم فهل أنا سال
هيهات أن هوى تعرض مهجتي= لهوى علي وأن اضر غالي
أهوى العذيب لأجل من نزلوا به= والنازلين به لأجل غزال
أسر القلوب وقل ما يحنو لها= وسبا محبيه بنقطة خال
بدر ولكن لا يلوح لناظر= ظبي ولكن لم يقع بحبال
منه اليه شكايتي لو انه= ممن يرق إذا شكوت لحالي
لو شئت فزت به ولكني أرى= ذلي بذاك الفوز غير حلال
تأبى الغواني الغيد الا عاشقا= يبدي الخضوع لهن غير مبال
والحر يأبى أن يرى في عيشه= ذلا وإن هو كالحنية بال
ما الغيد الا كالسراب وويل من= كان السراب به من الإمثال
خاب إمرئ طلب الوفا منها كما= قد خاب طالبه من الأنذال
ما في الرجال من الوفاء بقية= حتى يؤمل من ذوات حجال
الناقصات عقولها وحظوظها= والقاعدات بكل يوم نزال
ولقد أقول لصاحبي لما بدا= صبح هدايتي وغاب ليل ضلالي
دع عنك ذكر الغانيات وما جرى= للعاشقين بحبها وجرى لي
وهلم أسمعني الذي أنجو به= من سوء أعمالي وقبح فعالي
إذ لا نجاة بغير ال محمد= من كل ما يخشى من الأهوال
ما أن نفسي والأسى متنفر= عنها بعار الصعبة الشملال
أن تضح يضحى الحزن أكبر همها= أو تمس تمسي كثيرة الإعوال
لم يبق فيها ذكر يوم محرم= للبشر ربعا غير ذي إضمحلال
لا مرحبا بك يا محرم طالما= أغريت دمع المجد بالإسبال
وتدعي حراما ثم أنت محلل= حرمات ال الله للأنذال
هلا حلالا كنت تعرف قبلها= لنرى حلالك بعد غير حلال
وأرى الفرات أصاب مثلك خزية= جرت عليه عقائم الأقوال
نكلتما من حائرين كليكما= قابلتما طه بكل نكال
جرعتما أبناءه جرع الردى= عوض الفرات البارد السلسال
هند تفوز بثارها من أحمد= وتفوز فاطم بالصراخ العالي
تبكي بنيها حين لم تر منهم= الا قتيلا أو نحيفا بالي
تبكي الحسين بعبرة أنست بها= طوفان نوح سيلة المتعالي
تبكي العليل وما به من علة= أنسته ثقل سلاسل الأغلال
تبكي النساء وما أضر بحالها= من سلب أثواب ونهب رحال
أوَ ينعش الرحمن هاشم بعدها= ما لم تجئ بصواعق الزلزال
ويقيم يوم مثارها بسحائب= حمر تعوض وابلا بوبال
حتى تعود بها ديار أمية= مملوءة خسفا وهن خوالي
ماذا الذي أغراك حرب بهاشم= أغراك مغري الكلب بالرئبال
ولكنت أهون من طنين ذبابة= طنت بجانب ذي هضاب عالي
لكنها لما رأت أن هكذا= الدنيا يغيب بها الرخيص الغالي
خلعت ثياب حياتها وتجلببت= أكفانها هربا من الأذلال
بأبي ونفسي عصبة علوية= ركبت ظهور العز غير هزال
حتى مضوا صرعى فتلك جسومهم= شهب وأرؤسهم بدور كمال
أحماة بيت الله ما لبيوتكم= عاثت بهن عوائب الأوغال
قامت نوائحها تعج بعولة= كادت تذيب جوامد الأجبال
لم تبك عين المزن الا رحمة= لبكائها بالمدمع الهطال
تبكي وحق لها البكاء لأنها= فقدت رجال وفى وأي رجال
قوموا لها قبل إنتشار ظعونها= في البيد فوق مصاعب الأحمال
وإنضوا صوارم يوم بدر دونها= وأسقوا أواخرها بكأس أوال
هذي رحاب البيد غص فضاءها= بحنينها وتضور الأطفال
يا ويح نفسي حين لم أك باذلا= نفسي أمامهم وأنفس مالي
وأكون أول من دعي فأجابهم= لقتال من ناواهم بقتال
وأصول صولة مستميت دونهم= حتى تقطع فيهم أوصالي
فهنالكم أديت بعض حقوقهم= وهنالكم أدركت خير منال
ما حاجتي في هذه الدنيا وقد= أذنت ثوابت عزها بزوال
لولا إنتظاري يوم ثأرهم الذي= فيه بلوغ مطالب الآمال
يارب إن قصرت يميني دون ما= حاولت من نصرهم وشمالي
فاجعل نصيبي بعدما أنا خائف= أن لا يفوز بمثلها أمثالي
مع ثائر لهم يثور بعصبة= تلهو الأسود بها عن الأشبال
حرى القلوب لثأر قتلى لم تنخ= فيها الى أمد الزمان وصالي
حتى تعود بها اليه جواريا= بدم الضلال وحزبه الضلال