مصائب الزهراء عليها السلام
ديوان أنوار الولاء - السيد هاشم الهاشمي
رحلتْ للإله تشكو اُناساً= جرّعوا الطهر أعظم الأرزاءِ
أو لم يسمعوا الرسول وكم قال= بأنّ الزهراء خير النساء
إنّ من أغضب البتول فقد نا= صبَ ربَّ العباد شرَّ عداء
كم حديثٍ له عن الطهر عمّا= قد حباها الإله خير حباء
كم ثناءٍ لله فيها فما يجدي= ثناء الأقلام والشعراء
كم لها من مناقبٍ قد تسامت= بعلاها على بني حوّاء
قد رعاها النبيُّ يرفدها علماً= وطهراً من منهل الإيحاء
ولدتْ من سنا السماء وعاشت= بهداها وزُوّجت في السماء
وتلاقى النوران في الخلد ، كي يخ= لد نور الشريعة السمحاء
وتلاقى النوران في الخلد وامتدَّ= لبقيا الأئمّة الاُمناء
حجج الله في البسيطة لولاهم= لدبَّ الفناء في الأشياء
والنبيُّ العظيم أنقذ جيلاً= من دجى الجاهليّة الجهلاء
حلّقوا بالهدى إلى ذروة المجد= وكانوا في هوّةٍ عمياء
هل جزاء الإحسان أن يمنعوا الزهراء= عن سكب دمعها والبكاء
كيف لا تذرف الدموع وقد غاب= أبوها وكهفها في البلاء
كان نعم الملاذ يمسح عنها= غصص الدهر باليد البيضاء
كان ظلاً تأوي إليه إذا اشتدّ= ت عليها لواعجُ الضرّاء
لقيت بعده مصائبَ شتّى= من قلوبٍ مليئةٍ بالعداء
وثب القومُ يطلبون من العترة= ثأر الأوثان والآباء
غصبوا حقّها وحقَّ « عليٍ »= وتناسوا أمجاد آل العباء
جحدوا بيعة الغدير بغدرٍ= بعد ما قدّموا عهودَ الولاء
أسفروا عن تآمرٍ كتموه= عن نبيِّ الهدى بوجه الرياء
أشعلوا نارهم بباب إبنة= المختار نارَ الأطماع والبغضاء
دخلوا دارها ، فلاذتْ وراء البا= ب ستراً من أعين الأعداء
عصروها ليكسر الباب صدراً= قد حوى سرَّ خاتم الأنبياء
أسقطت محسناً إلى الأرض ميتاً= وترامتْ خضيبةً بالدماء
ثم قادوا الوصيَّ مثل هَزبْرٍ= أو كراع تقوده كفُّ شاء
عجباً كم أبادَ للكفر جمعاً= بحسامٍ يُردي العدى بمضاء
قيّدته وصيةٌ من رسول الله= حفظاً للشرعةِ الغرّاء
ورأته البتول يُسحب والناس= تغاضوا عن سيّد الأوصياء
رأت الطهر كيف فرّق ليلُ الجهل= جيلاً عن سيّد الأوصياء
رأت الطهر كيف يخنق صوت الحق= حكمُ الإرهاب والإغراء
نهضتْ والجراح تنزف منها= وجرتْ خلفهم بكلِّ عناء
صرخت فيهمُ : دعوه ، وإلا= سوف أشكو إلى الإله بلائي
فأتاها اللعينُ بالسوط كي يُسكت= منها صوتاً شجيَّ النداء
إنّ آلامها ستشهد يوم الحشر= ماذا لاقتْ من الخلفاء
سوف يستفسر الجميع مدی الدهر= لماذا قد اُلحدتْ في الخفاء
آه لولا جرحُ البتولةِ ما كانتْ= جراحُ الحسين في كربلاء(0)
إنّني قد أتيتُ يا مشرق النور= وعيني في ظلمة الانطفاء (1)
ربِّ إنّي طرقتُ كل دروب الأرض= بحثاً يا سيدي عن شفائي
لم أجد في الورى مغيثاً ولم أظفر= بكلّ الدنا بحُلم شفائي
أنا في البحر قد تلفّتُ عن درب خلا= ص فلم أجد غير ماء
فتوجّهت للسماء عسی تهمي= علی محنتي ببعض عطاء
فأتاني النداء يهتف في قلبي= مُطلّاً في غمرة اللّئلاء
هل تُرى رفّت البشارة في عمري= وأصغيتُ مذعناً للنداء
لن ترى في الوجود باب نجاةٍ= غير باب الصدّيقة الزهراء
فبحقّ البتول والأب والبعل= بحقّ الأئمّة الاُمناء
وبحق السرِّ الذي في وجود الطهر= يخفى بكنزه المعطاء
إنّني قد أتيتُ أحمل دمعي= وذنوبي وتوبتي وولائي
فتلطّف عليِّ واكشف ظلامي= وأنِر ناظري بفيض الضياء