نهجُ الحسينِ أبٌ وأمٌ للهدى
سنة 2011
زحفوا ألوفاً يتبعون غَماما = كي يقتلوا القرآنَ والإسلاما
كي يقطعوا نحرَ الصلاةِ وروحَها = كي يدفنوا التطوافَ والإحراما
كي يسحقوا نبضَ الزكاةِ ببخلهم = ومن الصيامِ يجرّدون صياما
كي يُثْكلوا قلبَ الشريعةِ بالهدى = كي يُرجعوا الأنصابَ والأصناما
ليقيّدوا العدلَ الفتيَّ بظلمِهم = حتى يعودَ كأنّه ما قاما
زحفوا ألوفاً مثلما زحفَ الدجى = ليضخَّ في وجهِ الحياةِ ظلاما
هُرعوا لنصرةِ كأسِ خمْرٍ مُترَعٍ = هامتْ به شفةُ اللعينِ هُياما
هُرعوا لنصرةِ قِردِهِ وكلابِهِ = حتّى يظلوا عندَهُ أغناما!
جاؤوا بقعقعةِ السلاحِ وجلُّهم = يدري الحسينَ مُطهَّراً وإماما
يدرونَ أنّ المصطفى بجبينِه = لكنّهم سلّوا عليه حُساما !
يدرونَ بالفردوس رهنَ ولائِه = لكنّهم ملأوا البطونَ حَراما
يدرونَ أنّ الحقَّ حادي ركبِه = لكنّهم منحوا الضلالَ زِماما
جاؤوا يرُومونَ الحياةَ وزيفَها = وبريقَها الخدّاعَ والأوهاما
لو أنهم نصروا الحسينَ لأحرزوا = فوقَ المنى الفردوسَ والإنعاما
صلّوا! ألم يتفكّروا؟! فعلى الذي = جاؤوا لقتلِهِ يقرؤونَ سلاما !!
ضلّوا كأنعامٍ أضاعتْ دربَها = والذئبُ ينشدُ تلكمُ الأنعاما
يبكي الحسينُ عليهمُ إذ إنّهم = في قتلِهِ سيُضرَّمونَ ضِراما
عجباً لرحمتِهِ! كذا عجباً لهم = كم في قِبالِهِ يُصبحونَ لِئاما!
يدعوهمُ كي يَرجعوا عن غيِّهم = ركبوا العنادَ ولم يُطيقوا كلاما
ردّوا عليهِ بألسنٍ مسنونةٍ = بل أمطروهُ حجارةً وسِهاما!
عبدوا هواهُم، إنّ مَن عبَدَ الهوى = سيرى الشفاءَ من السَقام سَقاما!
أرخى عنانَ المجد سِبطُ المصطفى = ورأى الحمايةَ للصلاةِ حِماما
أعطى النفيسَ بلِ النفيسَ جميعَهُ = أضحى لناصيةِ الفِدا رسّاما
جعلَ النجومَ مواطئاً لدمائهِ = والمجدُ صارَ لنحرِهِ خَدّاما
صنعَ الحياةَ بنحرِهِ وضلوعِهِ = واشتقَّ من وسمِ الإباءِ وِساما
ليستْ حياةُ المرءِ ما فوقَ الثرى = ليستْ هي الأيامَ والأعواما
إنّ الحسينَ حياتُه فوقَ المدى = قد أعجزَتْ بعطائِها الأقلاما
نحبو إلى وصفِ الفداءِ بأسطرٍ = نبقى أمامَ إمامِنا أقزاما
نهجُ الحسين أبٌ وأمٌ للهدى = إنّا بِلا نهجِ الحسينِ يتامى
"تبكيكَ عيني لا لأجلِ مثوبةٍ" = بل هامَ قلبي في هواكَ هُياما
أبكيكَ أنّكَ للجمالِ جمالُهُ = وبأنَّ ذكرَكَ عطّرَ الأياما
لولاكَ ما بقيَ الربيعُ بمقلتي = كلا ولا بقيَ السلامُ سلاما
أنا ما شهدتُ الطفَّ لكن أدمعي = ظلّت كأني قد شهدتُ سِجاما
عِظَمُ الفجيعةِ كانَ أعظمَ منطقاً = ممن روى الأحداثَ والآلاما
نتهجّأُ الطفَّ الأليمَ بفكرِنا = يبقى يحيّرُ عندَنا الأفهاما
يومٌ تفرّدَ في الوجودِ وجودُهُ = قَدْ جاوزَ الأفلاكَ والأجراما
هذي الدموعُ خُطىً إليهِ لعلَّنا = نأتي الضفافَ لنشحذَ الإلهاما
مَنْ لي بشِعرٍ يرسمُ الحدَثَ الذي = لو قِيلَ قدْ جَعَلَ الجبالَ رُكاما
أو قيلَ قدْ عَقُمَ الربيعُ بُعيْدَهُ = والشمسُ صارَتْ لا تُزيلُ ظَلاما
والسعدُ جفّتْ وجنتاهُ ولم يعُدْ = في العيشِ ذاكَ المشرقَ البسّاما
لو قيلَ ذلكَ ما تعجّبَ مؤمنٌ = أو خافَ لو يحكي بذاكَ مَلاما
فالطفُّ لولا شاءَ ربُّك أعدمَتْ = مأساتُهُ عيْشَ الورى إعداما
لهفي عليهِ مقطّعاً أشلاؤُه = ملأَ القلوبَ تماسُكاً ولِحاما
لهفي على الظمآنِ يسقي نبعُهُ = عطَشَ القلوبِ ويحفظُ الإسلاما
أأبا الإباءِ، ولم يكنْ لهُ من أبٍ = حتى مجيئِكَ فاستطالَ قِياما
أأبا الفداءِ، وما تركْتَ لمُفتدٍ = شأواً يُطالُ ولا تركْتَ زِماما
هذا الختامُ، وما بدأتُ بفضلِكُمْ = حتى أسوقَ لما بدأتُ ختاما
نبعُ المكارمِ كلِّها، لو قد نأى = عنهُ الكِرامُ فلنْ يكونوا كِراما