صلاةٌ بوضوءِ الدمِ
سنة 2011
روحي على ذكراكَ ذابَتْ بالأسى = تحكي غراماً صاغَهُ معناكا
آهٍ هياميَ يا حسينُ وما أنا = إلا فتاتٌ ذائبٌ بهواكا
يا أنتَ يا كلَّ الوجودِ بهمسةٍ = سجدَتْ بحورُ الحبِّ في نجواكا
ذكراكَ جرحُ الغيمِ في قطراتِهِ = حتى السماءُ تئنُّ مِنْ ذكراكا
والصبحُ قد ذابَْت ملامُحُه على = خدِّ الترابِ فليلُهُ يغشاكا
فيهِ يطوفُ الوجدُ حولَ خيالِهِ = ويجولُ سعياً قاصداً لضياكا
ولقد أتتْكَ على الترابِ ضمائرٌ = حتى ضميرُ الماءِ فوقَ ثراكا
تنعاكَ يا عرشَ المهيمنِ بالأسى = وتقولُ إنَّ الكونَ في مثواكا
أحكيكَ وحياً بالغرامِ تجسّدَْت = كلماته صلت على معناكا
هذي هي الطف التي ذراتها = شَهِدَتْ بأنَّ السيفَ من قتلاكا
فلأنتَ قرآنُ الطفوفِ على الثرى = آياتُهُ ذُبَِحتْ بعرشِ سَماكا
فتكلَّمَ القبُر الذي جنَباتُهُ = جرحى من الأنّاتِ كيفَ حَكاكا
فيقولُ إنَّ الأرضَ أضحَتْ لوحةً = رسمَتْكَ عزّاً للورلا بإباكا
والرمحُ فوقَ ترابِها وسُيوفُهُمْ = سكرى ترتّلُ بالبكاءِ مداكا
والضلعُ في كفِّ السحابِ كريشةٍ = تتلو بلونِ الحزنِ فجرَ سناكا
فرأيتُهُ جسماً يُقطِّعُهُ الظما = ناديتُ: يا اللهُ جلَّ ثناكا
(إنّي أنا ظامٍ) يصيحُ بقومِهِمْ = بالطعنِ قد ردّوا لحجبِ دعاكا
وسجدتَ في أرضٍ تناجي ربَّها = ورمالُها لبّتْ تقولُ: فِداكا
عميَتْ عيونٌ لا تراكَ بروحِها = تعصيكَ في قتلي وفي دنياكا
يا راحماً موسى بفيضِ مشيئةٍ = ناديتُ بالمختارِ كيفَ أراكا
فالشوقُ فتّتَ مهجتي حتى غدا = كلِّي لِكُلّيَ هائمٌ بعُلاكا
خذني إليكَ كما تريدُ فإنني = راضٍ بحكمِكِ خاضعٌ لقضاكا
إنّي وجدتُكَ داخلي متمثلاً = في ذاتيَ الولهى ليومِ لِقاكا
هذي ضلوعي في هواكَ جعلتُها = أشلاءَ حبٍّ كي أنالَ رضاكا
وتقطعَتْ كفي وعيني آملاً = أنْ تقبلَ الأشلاءَ في رجواكا
والقلبُ بالسهمِ المثلّثِ قد غدا = متقطعاً بالحبِّ لا لسواكا
اللهُ قد نادى حسيناً قائلاً: = قمْ للشهادةِ ومتشقْ عَلياكا
لأراكَ تفديني بحبِّكَ منحراً = وتجسِّدَ الحقَّ الذي ناداكا
رتّلْ صلاةً بالدماءِ تطهراً = واسجدْ على تربْ يضمُّ ثراكا
لبّى حسينٌ والدماءٌ تحفُّهُ = ويقولُ: قرباناً إلى دعواكا
فتجسَّدَتْ شمسٌ بلونِ مصيبةٍ = وتقولُ: هذا النورُ فيضُ دِماكا
والنجمُ يتلو قصةً تهوي بها = كلماتي الظمأى إلى سُقياكا
فلأنتَ قرآنٌ على آياتِهِ = هذا الزمانُ يُعيدُ وجهَ صَداكا