طرقت فالأنام منها سكارى
ديوان السيد حيدر الحلي
طرقتْ فالأنامُ منها سكارى=تملأ الكونَ دهشة ً وانذعارا
بكرُ خطبٍ لا ينشد الصبرُ=فيها قد أتانا بها الزمانُ ابتكارا
في حديث الأحقاب لم يأت=فيها وقديماً لمثلها ما أشارا
بردت سائرُ القلوب ردى ً=منها وعادت من الغليل سكارى
ولها كانت المدامع لولا=حرُّ أنفاسنا تكون بحارا
وقليلٌ بها وإن ليس يجدي=ترسل العينُ دمعَها مدرارا
نكبة ٌ تملأ الوجودَ مصاباً=يملأ الأرضَ والسما استعبارا
يا نفوسَ اللاجين طيري شعاعاً=أدرك الدهرُ عندك الأوتارا
وابردي يا حشاشة الشرك=أمناً مات من كان بين جنبيك نارا
فبمن يغتدي الهدى مستجيراً=فقدتْ كعبة ُ الهدى المستجارا
وله أصبحَ الحطيمُ حطيماً=يتوارى في الترب حين توارى
ودجا الأفق في دجى غيهب=الحز نِ وهبَّت ريحُ الصبا إعصارا
سوَّمى يا خطوبُ خيلك فينا=تغنمي أين ما قصدت المغارا
وارتعى في حمى الورى فالمنايا=أنشبت في هزبرها الأظفارا
مَن حماها عن أن تُراعَ و=قسراً ردَّ أيدي الأيام عنها قصارا
=هممٌ حيث لا يُرى البدرُ سيرا
كيف تخلو له من الحزن دارٌ=والندى منه لم يفت ديّارا
ملكَ الناسَ بالسماح عبيداً=فغدوا بعد فقده أحرارا
يا بغاة الإسلام لا تتناجوا=بانتقاص الدين الحنيف سرارا؟
لا تخالوا «محمداً» لم يخلّف=للورى ناهياً ولا أمتارا
فالإمامُ المهديُ قد قام فيهم=علماً يرشد الورى ومنارا
ما بنى الله من سماء علومٍ=وهو بدرٌ في أفقها قد أنارا
لازم الحقَ في هداه فأضحى=معه الحقُّ حيثما دار دارا
منه ملء الأبراد عدلٌ وتوحيدٌ=وفخرٌ من هاشمٍ لا يجارى
والحُبا في النديُّ تضمن منه=ركنَ رضوى حلما وأرسى وقارا
فترى الناس هيبة ً منه خرساً=يتناجون في الحديث سرارا
يا أجلَّ الورى علاءً وقدراً=وأعزَّ الأنام نفساً وجارا
عقد العيُّ منطقي أن أعزّيك=ومنك العزا غدا مستعارا
وقبيحٌ منّي إذا قلتُ صبراً=للذي علَّم الورى الاصطبارا