آمن "فاضل الطين "أنك لا تبرح تباركه سموا بعد سمو منذ نسخته الأولى ,فكل عظيمة وكل سمو وكل انتصار هو من بعض ذلك النور الذي أودعته فيه وهو في عالم الذرّ و الملكوت ف"الأنا" هي كل طينة مازجها حب "علي" عليه السلام
خبأتَ عشقك في طيني فخلّقني = وقلتَ للطين صوره فصورني
وقلت للماء لا يسري بأوردتي = وصرت مائي الذي قد صار يعجنني
وكنت أنت الذي ينشيني من حمأ = حتى تشكل طبع الطين باللدن
نفخت فيه غراما فاكتسى قبسا = من التراب ومما بات يخلقني
فكيفما شئت أوصافي تشكلها = وكيفما شئت تلك الروح تنسجني
وضفة الحب تطليها شفاه هوى = بين الزوايا وطفل الحب يقرؤني
ونسختي ذلك المخلوق تبدعها = وداخلي ذلك المخبوء تشعلني
كأنني والهوى لونان في رئة = روح من العشق في روح من الفتن
أودعتها لغة الصلصال يورقها = بوح وقلت لها كوني ولا تكن
فأنصتت رئة الإحساس يحملها = إلى هواك خيال ظل يحملني
فأيقنت أنفس الإبداع أن لها = رغما على الشك أحساس يطمئنني
أن لا حدود تحد الطين في جهة = وعطر طينك في الوجدان يسكنني
نبهتني لوحة في بهو راسمها = فكنت عقلي وكنت القلب ترصفني
وكنت أنت نواة في دوائرها = أبا التراب تثير اللون بالبدن
فنسخة من بقايا الطين تحرسها = تستنهض الفجر في ذاتي وتعبرني
تفحّ نسختها الأولى كما فطرت = مدخورة بسنين العشق والزمن
فاضت زجاجتها شوقا يطهرها = نهر الولاء وشوط الحب يرفدني
فاستعذبت خطر الأشواط نسختها = فلم أبال بما قد بات يخطرني
و لن أبالي: فأقداحي التي امتلأت = من زورق الغيب ما زالت تآزرني
ملءُ السماء شراع من سماحتها = تبيح عذبَ الهوى للحن يطربني
قد راودتني فذاب العشق في نغم = ما كان يرسمني لو لم تراودني
كأنما هي والألحان رقص صدى = على الضفاف مطل جاء يسمعني
فرددتْ خفقه الأمطار لامعة = صبّت عليّا صباياها لتغسلني
شبّ الهدير لها برقا و ناحية = فاستسلمت طينتي للماء يفتنني
طفتْ فضوعف فيها النهر وانتفضت = وفاض منها معين ظل يغمرني
طغَتْ على وقتي المفتوح هيبتها = وصرت عين رفوف الوقت تلحظني
تخالني رمقا بالكأس قد دهقت = آلاءه حببا مما يوحدني
كسنبلات من الأشواق تنثرها = كف الرياح بذات العشق تورقني
كم أشتهى الغيم فنانا يصورني = صحو السماء ولون الكون يرقبني
كي أختليك بنصف فر يشبهني = وآخر من هوى قد عاد يملؤني
يا ساكب الطين ما للطين يرفضني = كأنما هو في ذاتي ينازعني
أن أنزع الليل عن كأس برائعة= أو أزرع الصبح أجراسا تباركني
طافت عليا حكايا الطين فانتفضت = بالماء نصفا ونصف ظل يغسلني
ففاض نقش المنى نهرا يزاحمه = في كل ناحية سكر يدافعني
ورحت طوع سناه الخصب مرتشفا = خمر الولاء وعين الله تحرسني
يا خالق السكر والمرآة تشربنا = وجها كما الفجر والأنظار تشربني
كم من "علي" بذات الله يبذرنا = فيودع السمع والأبصار يزرعني
وكم سماء من الآمال يخلقها = إذا تمرغ ضرع الحب بالشجن
هو السماء وكم في أمره عجب = لما تجلى بلون الطين والوسن
روحٌ غدت شهبا للطهر في بدن = وعسجد خَرِدٍ يروي إلى الفطن
أبا التراب وكف التبرُ صانعها = مجد يضيء بملء العين والأذن
لو لم يكن غير ميلاد بكعبته = لكان فصل الولا بالحق يقنعني
فكيف لا والذي أسست من قمم = في كل شاهقة قد صار يلزمني
وكيف لا والذي سماك حيدرة = أعاد للطين وجه صار ينسبني
طافت عليه حنايا الوحي وامتزجت = حتى النخاع بعمق الروح تأمرني
فاستوطن الحب رمل القلب ينعشه = في كل جارحة بالسر والعلن
لاستجيبَ لوحي الطين حيث أنا = وأستحمّ بعطر الطين كيف ُغني
لتتلو أخباره الأخرى حقائبنا = في كل مغلقة حنّت تفاتحني
فحيدر موطن العشاق نسكنه = وجنة من ضياء الله تسكنني
وذا الذي للهدى غنت مناقبه = موتورة في سنا بتاره الخشن
وذا الذي ُشحنت معنى بلاغته = فبات كل لسان بعده لدن
يا قالع الباب عزما إذ عليه مشى = جيش من النصر في تياره الأمن
ما زالت تسنده جسرا لنصرتنا = وكف قالعه للآن تنصرني
هاك انتصار جنوب أنت فارسه = في ساعة النصر إذ لولاك لم يكن
إذ أنت طين بنصر الله تشعله = نورا من الحق في تسديده المكن
وأنت أنت لذاك الضوء خارطة = تفضّ عذرية الإرهاب والإحن
مشى على رسله لا خوف يقلقه = ولا عن النصرة الشماء في وهن
فكان للطين مما كنت تودعه = قلب من العز لا يأسى ولا يهن
يسقي الشهادة مذ أمس بدم فدا = يلز وجها إلى التاريخ محتقن
لأنك العشق مخبوء تلازمه = في كل جارحة تعلي سما السنن
ليشحذ الطين من أفياء صانعه = مذ ألف خيبر لم يفنى ولم يلن
عبر المساءات خيل الله تشعلها = ليسترد شموس النصر للوطن
وكنت أنت بذاك الوجه طين قوى = تكرّ للموت في أصداف مؤتمن
ليدحر الكفر من ألوان ضربته = ويخسأ الذل في تياره الوثني
نقش البطولة "للرضوان مغنيَة" = سيولد الضوء في الأصفاد والكفنِ
ألم يكن وجهك المذخور ينقشه = على الممات ووعد الصدق وعد هني
هي البطولات نصر الله يصنعها= وطين حيدرة التحرير فيه غني
لنستحم بنار العشق ساخنة = ونلبس الحق شوقا ملبس البدن
لأن ما مسني من طين جمرته =ما زال نبتا على الأخطار يجمعني
فاستطيب جمار العشق ثائرة = مشحّنات على الأقذاء تلذعني
فمن يكن "حيدر الكرار" طينته = تأبى معادنه المستنقع الآسن