خبأتَ عشقك في طيني فخلّقني = وقلتَ للطين صوره فصورني وقلت للماء لا يسري بأوردتي = وصرت مائي الذي قد صار يعجنني وكنت أنت الذي ينشيني من حمأ = حتى تشكل طبع الطين باللدن نفخت فيه غراما فاكتسى قبسا = من التراب ومما بات يخلقني فكيفما شئت أوصافي تشكلها = وكيفما شئت تلك الروح تنسجني وضفة الحب تطليها شفاه هوى = بين الزوايا وطفل الحب يقرؤني ونسختي ذلك المخلوق تبدعها = وداخلي ذلك المخبوء تشعلني كأنني والهوى لونان في رئة = روح من العشق في روح من الفتن أودعتها لغة الصلصال يورقها = بوح وقلت لها كوني ولا تكن فأنصتت رئة الإحساس يحملها = إلى هواك خيال ظل يحملني فأيقنت أنفس الإبداع أن لها = رغما على الشك أحساس يطمئنني أن لا حدود تحد الطين في جهة = وعطر طينك في الوجدان يسكنني نبهتني لوحة في بهو راسمها = فكنت عقلي وكنت القلب ترصفني وكنت أنت نواة في دوائرها = أبا التراب تثير اللون بالبدن فنسخة من بقايا الطين تحرسها = تستنهض الفجر في ذاتي وتعبرني تفحّ نسختها الأولى كما فطرت = مدخورة بسنين العشق والزمن فاضت زجاجتها شوقا يطهرها = نهر الولاء وشوط الحب يرفدني فاستعذبت خطر الأشواط نسختها = فلم أبال بما قد بات يخطرني و لن أبالي: فأقداحي التي امتلأت = من زورق الغيب ما زالت تآزرني ملءُ السماء شراع من سماحتها = تبيح عذبَ الهوى للحن يطربني قد راودتني فذاب العشق في نغم = ما كان يرسمني لو لم تراودني كأنما هي والألحان رقص صدى = على الضفاف مطل جاء يسمعني فرددتْ خفقه الأمطار لامعة = صبّت عليّا صباياها لتغسلني شبّ الهدير لها برقا و ناحية = فاستسلمت طينتي للماء يفتنني طفتْ فضوعف فيها النهر وانتفضت = وفاض منها معين ظل يغمرني طغَتْ على وقتي المفتوح هيبتها = وصرت عين رفوف الوقت تلحظني تخالني رمقا بالكأس قد دهقت = آلاءه حببا مما يوحدني كسنبلات من الأشواق تنثرها = كف الرياح بذات العشق تورقني كم أشتهى الغيم فنانا يصورني = صحو السماء ولون الكون يرقبني كي أختليك بنصف فر يشبهني = وآخر من هوى قد عاد يملؤني يا ساكب الطين ما للطين يرفضني = كأنما هو في ذاتي ينازعني أن أنزع الليل عن كأس برائعة= أو أزرع الصبح أجراسا تباركني طافت عليا حكايا الطين فانتفضت = بالماء نصفا ونصف ظل يغسلني ففاض نقش المنى نهرا يزاحمه = في كل ناحية سكر يدافعني ورحت طوع سناه الخصب مرتشفا = خمر الولاء وعين الله تحرسني يا خالق السكر والمرآة تشربنا = وجها كما الفجر والأنظار تشربني كم من "علي" بذات الله يبذرنا = فيودع السمع والأبصار يزرعني وكم سماء من الآمال يخلقها = إذا تمرغ ضرع الحب بالشجن هو السماء وكم في أمره عجب = لما تجلى بلون الطين والوسن روحٌ غدت شهبا للطهر في بدن = وعسجد خَرِدٍ يروي إلى الفطن أبا التراب وكف التبرُ صانعها = مجد يضيء بملء العين والأذن لو لم يكن غير ميلاد بكعبته = لكان فصل الولا بالحق يقنعني فكيف لا والذي أسست من قمم = في كل شاهقة قد صار يلزمني وكيف لا والذي سماك حيدرة = أعاد للطين وجه صار ينسبني طافت عليه حنايا الوحي وامتزجت = حتى النخاع بعمق الروح تأمرني فاستوطن الحب رمل القلب ينعشه = في كل جارحة بالسر والعلن لاستجيبَ لوحي الطين حيث أنا = وأستحمّ بعطر الطين كيف ُغني لتتلو أخباره الأخرى حقائبنا = في كل مغلقة حنّت تفاتحني فحيدر موطن العشاق نسكنه = وجنة من ضياء الله تسكنني وذا الذي للهدى غنت مناقبه = موتورة في سنا بتاره الخشن وذا الذي ُشحنت معنى بلاغته = فبات كل لسان بعده لدن يا قالع الباب عزما إذ عليه مشى = جيش من النصر في تياره الأمن ما زالت تسنده جسرا لنصرتنا = وكف قالعه للآن تنصرني هاك انتصار جنوب أنت فارسه = في ساعة النصر إذ لولاك لم يكن إذ أنت طين بنصر الله تشعله = نورا من الحق في تسديده المكن وأنت أنت لذاك الضوء خارطة = تفضّ عذرية الإرهاب والإحن مشى على رسله لا خوف يقلقه = ولا عن النصرة الشماء في وهن فكان للطين مما كنت تودعه = قلب من العز لا يأسى ولا يهن يسقي الشهادة مذ أمس بدم فدا = يلز وجها إلى التاريخ محتقن لأنك العشق مخبوء تلازمه = في كل جارحة تعلي سما السنن ليشحذ الطين من أفياء صانعه = مذ ألف خيبر لم يفنى ولم يلن عبر المساءات خيل الله تشعلها = ليسترد شموس النصر للوطن وكنت أنت بذاك الوجه طين قوى = تكرّ للموت في أصداف مؤتمن ليدحر الكفر من ألوان ضربته = ويخسأ الذل في تياره الوثني نقش البطولة "للرضوان مغنيَة" = سيولد الضوء في الأصفاد والكفنِ ألم يكن وجهك المذخور ينقشه = على الممات ووعد الصدق وعد هني هي البطولات نصر الله يصنعها= وطين حيدرة التحرير فيه غني لنستحم بنار العشق ساخنة = ونلبس الحق شوقا ملبس البدن لأن ما مسني من طين جمرته =ما زال نبتا على الأخطار يجمعني فاستطيب جمار العشق ثائرة = مشحّنات على الأقذاء تلذعني فمن يكن "حيدر الكرار" طينته = تأبى معادنه المستنقع الآسن