في رثاء الإمام الحسين ( عليه السلام )
الشيخ ابراهيم الحاريصي العاملي
في رثاء الإمام الحسين ( عليه السلام )
ألا إنَّني بادي الشّجُون مُتيَّمُ=ونارُ غَرامي حَرّها يَتضرَّمُ
ودَمْعي وقلبي مُطلَق ومقيَّد=وصَبري ووَجدي ظَاعِن ومخيمُ
أبيتُ ومَالي في الغَرامِ مُساعِد=سوى مُقلَة عَبْرَى تفيضُ وتسجِمُ
وأكتمُ فرط الوجْد خِيفَة عاذلي=فَتُبدِي دُموعِي ما أجنُّ وأكتمُ
ويَا لائمِي كُفَّ المَلام وخَلِّنِي=وشَأني فإنَّ الخَطْبَ أدْهَى وأعظمُ
فلو كنتَ تَدري مَا الغَرَام عَذرتَني=وكنتَ لأِشجاني تَرقّ وتَرحمُ
إلى الله أشكُو ما لقيتُ مِن الجوَى=فَرَبِّي بما ألقاهُ أدرَى وأعلَمُ
ويا جِيرةً شَطَّت بهم غُربة النَّوى=وأقفر رَبع الأُنسِ والقُربِ مِنهمُ
أَجِيروا فؤادَ الصّبّ من لاعِجِ الأسَى=وجودوا عليه باللِّقا وتَكرَّموا
وحَقّكُمُ إنِّي على العهدِ لم أزَلْ=وما حلتُ بالتفريقِ والبُعدِ عنكمُ
وقُربكُمُ أُنسِي ورَوْحِي ورَاحَتي=وأنتمْ مُنَى قَلبي وقَصديَ أنتمُ
رَعَى اللهُ عصراً قد قَضينَاهُ بالحِمَى=بِطيبِ التَّداني والحَواسِد نُوَّمُ
وحيا الحيا تِلكَ المعاهِد والرّبى=فقد كنتُ فيها بالسّرُور وكُنتمُ
إلَى أنْ قَضى التفريق فِينا قَضاءهُ=وأشمَتَ فينا الحاسِدون وفيكمُ
وشأنُ اللَّيالي سَلبُ ما سَمِحت بِهِ=ومِن عَادة الأيام تَبني وتَهدمُ
ومَا زال هذا الدَّهر يخدعُ أهلَه=ويقضي بِجَور في الأنامِ ويَحكمُ
ويرفع مَفضُولاً ويخفض فَاضِلاً=ويَنصِبُ في غَدر الكِرَام ويجزمُ
أصابَ بِسَهمِ الغدرِ آلَ مُحمَّدٍ=وأمكَنَ أهل الجور والبَغيِ مِنهمُ
وكانُوا مَلاذَ الخَلقِ في كُلِّ حادثٍ=نَجاةُ الوَرَى فيما يَسوءُ ويُؤلِمُ
وأبْحُرُ جُودٍ لا تغيضُ سَماحَةً=وأطوَاد حِلمٍ لا تَكادُ تُهدَّمُ