كعبةٌ في حنايا نينوى
سنة 2017
في حنايا نينوى مالَ الرّدى=رَغمَ أنّ الكونَ ناداهُ استَقِمْ
ما استقامَ الموتُ مُذ ضجَّ النِّدا=مِنْ فمِ التّقوى لعُبَّادِ الصَّنَمْ
هل لنا فيكم مُعينٌ، ناصرٌ؟=هل لنا مِنْ مسلمٍ يَرعَى الذِّمَمْ؟
ذو الجناحِ ارتدَّ ينعَى صارخًا=(ويلَ قومٍ ضيَّعُوا تلكَ النِّعَمْ)
لم يُرَاعُوا عترةً للمصطفى=فوقَ تلكَ النُّوقِ تُسْبَى كالعَجَمْ
صرخةٌ أَنَّتْ بوادٍ زرعُهُ=قَدْ سَقَوْهُ الحقدَ حتّى يَنْتَقِمْ
فاستدارَ الكونُ حتّى لا يَرى=رقصةَ الأوثانِ في ساحِ الحَرَمْ
والفَضَا أمسى كئيبًا عابسًا=لا يُرى في رحبِهِ ما يبتَسِمْ
يغبطُ الأعمى ويدعو ليتَنِي=كنتُ يومَ الطفِّ أحظى بالصَّمَمْ
وانحنَى رملٌ تلظّى بالأسى=كي يجوبَ الأرضَ طوفانُ النَّدَمْ
ثمَّ أرخى جفنَهُ فوقَ القَذَا=والشَّجَى بالحلقِ نارٌ تَضْطَرِمْ
يشتَكِي مِنْ كُرْبَةٍ لا تنقضي=وَيْكَأَنَّ الرّملَ مسلوبُ الهِمَمْ
في ثناياهُ استَكَانَتْ حَسْرَةٌ=ها هنا القَرْحُ وفِي تلكَ الوَذَمْ
طرفُه يرنو إلى حيثُ استَوَتْ=كعبةٌ للحزنِ مِنْ دمعٍ وَدَمْ
كعبةٌ جدرانُها ملتاعةٌ=طَبْرَةٌ فيها وَرَكْلٌ بِالقَدَمْ
جرحُها ما زالَ سيلاً نازفًا=فالخميسُ طعنةٌ لا تلتَئِمْ
والرّزايا بالحطيمِ اسْتَوْطَنَتْ=منذُ حرقِ الدّارِ بُغْضًا وَالخِيَمْ
ثمّ طَافَتْ في خمارٍ زينَبِيّ=في ملاذٍ للسَّجَايا والقِيَمْ
مِنْ مقاِم الطُّهرِ بانَتْ للوَرَى=طودَ عزٍّ شامخٍ لا يَنْثَلِمْ
زينبٌ والصبرُ يسعى سَعْيَها=ثمّ يرمِي ال(لاءَ) في وجهِ ال(نَعَمْ)
مَا لَهَتْ عَنْ خدرِها لمّا ارتدى=عزُّها ثوبَ الحدادِ والألَمْ
قَدَّمَتْ قربانَها جَذْلى وما=أظَهَرَتْ غيرَ الرّضا فيما قُسِمْ
بعدَ فقدٍ السّبطِ غاصَتْ روحُها=في خُطى الأسرِ بِعُمْرٍ مُنْصَرِمْ
لا تَرى إلّاهُ في أحشائِها=حينَ أوصَى باليَتَامَى والحَرَمْ
إذْ تنادي يا بْنَ أمِّي رُدَّنَا=والقَطَا في صدرِها لمّا يَنَمْ
يا إمامَ الرُّوحِ بَلِّغْ كافِلِي=قدَ نَذَرْتُ اليومَ صومًا لم يَتِمّ
خانَنِي دَهري فخاطَبْتُ العِدَا=والحَشَا يغلي بنيرانِ الْكَلِمْ
قُلْ لِكَفَّيْهِ: ارجِعِي دونَ السِّقَا=قدْ سَقَانَا الشّمْرُ أقداحَ التُّهَمْ
سوطُهُ يحكي على أجسادِنا=عَنْ عذابِ الآلِ لكنْ دونَ فَمْ
نظرةُ الشُمَّاتِ أعْشَتْ ناظرِي=ليلُ حزني مِنْ دُجَاهَا مُدْلَهِمّ
يا بْنَ أمّي طالَ شوقِي للبُكَا=بِتُّ أخشى دمعةً لا تُحْتَرَمْ
بينَ عينيكَ استقَرَّتْ قِبْلَتِي=وارتَضى لَوْحِي بِمَا خَطَّ القَلَمْ
سوفَ أُحْيِي كربلا في سيرةٍ=لا ببنيانٍ وقبرٍ يَنْهَدِمْ
قُلْ لِجَدِّي تَحْتَ أطرافِ الكِسَا=دينُكَ الإسلامُ باقٍ للأمَمْ
يومَ ساباطَ تغذّتْ نطفةٌ=كي يجيءَ الطفُّ مِنْ ذاتِ الرَّحِمْ
ثمّ نحيا شعلةً لا تنطفي=تلكَ روحُ اللهِ فينا تَرْتَسِمْ