في حنايا نينوى مالَ الرّدى=رَغمَ أنّ الكونَ ناداهُ استَقِمْ ما استقامَ الموتُ مُذ ضجَّ النِّدا=مِنْ فمِ التّقوى لعُبَّادِ الصَّنَمْ هل لنا فيكم مُعينٌ، ناصرٌ؟=هل لنا مِنْ مسلمٍ يَرعَى الذِّمَمْ؟ ذو الجناحِ ارتدَّ ينعَى صارخًا=(ويلَ قومٍ ضيَّعُوا تلكَ النِّعَمْ) لم يُرَاعُوا عترةً للمصطفى=فوقَ تلكَ النُّوقِ تُسْبَى كالعَجَمْ صرخةٌ أَنَّتْ بوادٍ زرعُهُ=قَدْ سَقَوْهُ الحقدَ حتّى يَنْتَقِمْ فاستدارَ الكونُ حتّى لا يَرى=رقصةَ الأوثانِ في ساحِ الحَرَمْ والفَضَا أمسى كئيبًا عابسًا=لا يُرى في رحبِهِ ما يبتَسِمْ يغبطُ الأعمى ويدعو ليتَنِي=كنتُ يومَ الطفِّ أحظى بالصَّمَمْ وانحنَى رملٌ تلظّى بالأسى=كي يجوبَ الأرضَ طوفانُ النَّدَمْ ثمَّ أرخى جفنَهُ فوقَ القَذَا=والشَّجَى بالحلقِ نارٌ تَضْطَرِمْ يشتَكِي مِنْ كُرْبَةٍ لا تنقضي=وَيْكَأَنَّ الرّملَ مسلوبُ الهِمَمْ في ثناياهُ استَكَانَتْ حَسْرَةٌ=ها هنا القَرْحُ وفِي تلكَ الوَذَمْ طرفُه يرنو إلى حيثُ استَوَتْ=كعبةٌ للحزنِ مِنْ دمعٍ وَدَمْ كعبةٌ جدرانُها ملتاعةٌ=طَبْرَةٌ فيها وَرَكْلٌ بِالقَدَمْ جرحُها ما زالَ سيلاً نازفًا=فالخميسُ طعنةٌ لا تلتَئِمْ والرّزايا بالحطيمِ اسْتَوْطَنَتْ=منذُ حرقِ الدّارِ بُغْضًا وَالخِيَمْ ثمّ طَافَتْ في خمارٍ زينَبِيّ=في ملاذٍ للسَّجَايا والقِيَمْ مِنْ مقاِم الطُّهرِ بانَتْ للوَرَى=طودَ عزٍّ شامخٍ لا يَنْثَلِمْ زينبٌ والصبرُ يسعى سَعْيَها=ثمّ يرمِي ال(لاءَ) في وجهِ ال(نَعَمْ) مَا لَهَتْ عَنْ خدرِها لمّا ارتدى=عزُّها ثوبَ الحدادِ والألَمْ قَدَّمَتْ قربانَها جَذْلى وما=أظَهَرَتْ غيرَ الرّضا فيما قُسِمْ بعدَ فقدٍ السّبطِ غاصَتْ روحُها=في خُطى الأسرِ بِعُمْرٍ مُنْصَرِمْ لا تَرى إلّاهُ في أحشائِها=حينَ أوصَى باليَتَامَى والحَرَمْ إذْ تنادي يا بْنَ أمِّي رُدَّنَا=والقَطَا في صدرِها لمّا يَنَمْ يا إمامَ الرُّوحِ بَلِّغْ كافِلِي=قدَ نَذَرْتُ اليومَ صومًا لم يَتِمّ خانَنِي دَهري فخاطَبْتُ العِدَا=والحَشَا يغلي بنيرانِ الْكَلِمْ قُلْ لِكَفَّيْهِ: ارجِعِي دونَ السِّقَا=قدْ سَقَانَا الشّمْرُ أقداحَ التُّهَمْ سوطُهُ يحكي على أجسادِنا=عَنْ عذابِ الآلِ لكنْ دونَ فَمْ نظرةُ الشُمَّاتِ أعْشَتْ ناظرِي=ليلُ حزني مِنْ دُجَاهَا مُدْلَهِمّ يا بْنَ أمّي طالَ شوقِي للبُكَا=بِتُّ أخشى دمعةً لا تُحْتَرَمْ بينَ عينيكَ استقَرَّتْ قِبْلَتِي=وارتَضى لَوْحِي بِمَا خَطَّ القَلَمْ سوفَ أُحْيِي كربلا في سيرةٍ=لا ببنيانٍ وقبرٍ يَنْهَدِمْ قُلْ لِجَدِّي تَحْتَ أطرافِ الكِسَا=دينُكَ الإسلامُ باقٍ للأمَمْ يومَ ساباطَ تغذّتْ نطفةٌ=كي يجيءَ الطفُّ مِنْ ذاتِ الرَّحِمْ ثمّ نحيا شعلةً لا تنطفي=تلكَ روحُ اللهِ فينا تَرْتَسِمْ