نسيجٌ من قلقِ النبوّةِ
سنة 2015
إن لمْ تكنْ لي من جراحكَ أنهرا = أوَ لمْ تكنْ لرفيفِ أنفاسي ذُرى؟
فخُذِ العطاشى والتلاواتِ التي = صعدتْ على متنِ السّماءِ لتثأرا
إنْ لم تكنْ لحضارتي أمواجَها = ارمِ البحارَ هناكَ وامنحني الثرى
وأدِرْ رحيلي في رحيلِكَ إنّني = وحدي أعمِّدُ حزنَ هاتيكَ القُرى
لا سورَ لي أوَّلتُ كلَّ حقيقتي = وبرأتُ لي شفقًا بمائكَ أحمرا
ونسجتُ حبكةَ دمعتي جوريةً = فنما البكاءُ على فمي وتقطّرا
يا أنتَ غيماتُ الحروفِ وما انثنتْ = سبّحتُ باسمِكَ كلَّ حرفٍ أمطرا
يا موغلاً في النصِّ يا مرثيةً = تعبَ الزمانُ هجاءَها فتجذرا
جمرٌ على زبدِ القصيدةِ حالكٌ = وحمامةُ الكركِ استحالتْ أشطرا
كتبتْ صلاةً حشرجتْ ماءَ الهوى = بعروجِها فتوضأتْ حزناً جرى
كتبتْ حياةً والفراتُ ترجرجتْ = نبضاتُهُ في ضلعهِا فتكوَّرا
كتبتْ حسينًا والسما إيماءةٌ = من خلفِها كلُّ الوجودِ تحرّرا
من أنتَ؟ تسمو بالهيولى حينَما = كانتْ على كفيكَ ضوءًا قد سرى
يا أزرقًا لفظ البحارَ بلونِهِ = فتشبَّثَتْ بنزيفِهِ حينَ انبرى
أنت اختصرتَ الجرحَ خاصرةَ المدى = وسكبتَهُ في كربلائكَ كوثرا
هيجانُ جرحِكَ كانَ أوَلَ خِلقةٍ = للضوءِ فاستحيا وفيكَ تحيَّرا
قدْ بُحْتَ للبحرِ الغريبِ بشهقةٍ = وعلى كمنجةِ موجِهِ طالَ السُّرى
وبحزنِ أغنيةِ الفراتِ تهامستْ = آلامُها الكبرى وباسمِكَ كبّرا
أنتَ اكتنزتَ طفولةً من حلمِها = يا واحدًا مذْ كنتَ فيها حاضرا
ولَكَمْ تفتَّحَ ياسمينُ بكائها = فالرأسُ والجسدُ الشّريفُ تنثّرا
نَزفَ التُرابُ وآهُهُ موتورةٌ = بجراحِ زينبَ ، فالحسينُ على الثرى!
حقلٌ مِنَ الكلماتِ فوقَ دموعِها = والذكرياتُ هناكَ باتتْ محشرا
اليومَ تُختتَمُ الفصولُ بمسرحِ ال = أوجاعِ يا وجعَ السماءِ الأحمرا
واليومَ تُفتتَحُ الفصولُ وترتدي = غيماتِها البيضاءَ لونًا أطهرا
مولايَ يا مولايَ فامنحْ لونَنا = عزفًا نقيًّا مستفيضًا مرمرا
أنتَ الذي أبحرتَ في غُرباتِنا = رشَّفتَ فينا الضوءَ ضوءًا أكبرا
أنتَ التقطتَ الكونَ ليلةَ عشرهِ = وزرعتَ فيهِ من دمائكَ بيدرا
وأنرتَ ناصيةَ الغيابِ بمسحةٍ = مِنْ كفّكَ الأحنى فأبصرتِ الورى
فمددتَهُ للعالمينَ حقيقةً = ومددتَ للفقراءِ خبزًا أسمرا
فصَّلتَ ماءً في مقاسِ كرامةٍ = حتّى بقيتَ لكلِّ حرٍّ منبرا
ونسجتَ من قلقِ النبوّةِ موطنًا = فالأرضُ أرضُكَ والمسيحُ تكرّرا
من تلةٍ للحزنِ جاءت مريمٌ = أخرى وصبّتْ كأسَ حزنٍ مُصبرا
بوحٌ بتولٌ في مدامةِ طفِّها = ومحرَّمٌ في بوحِها حتّى الكرى
جاءتْ وما جاءتْ إليكَ وإنّما = اتّكأتْ على دمِكَ الممخَّضِ بالذرى
جاءتْ وجئتُ ، مسافتي علِقتْ هنا = ونوايَ بالعشرِ الشجيِّ تدثّرا
أمعنتُ في شطَّيكَ ألتمسُ الهُدى = وأهامسُ الرملَ العريقَ بما جرى
فأرى المدى فردًا غريبًا واحدًا = هو بالحسينِ العالميِّ تجمهرا