رشفةٌ من كنهِ الحسينِ
سنة 2015
مِنْ أينَ أشرَحُ نَحْرَهُ وكِتابَهْ=وحديثُ مُحْكَمِهِ عَليَّ تَشابَهْ؟
هلْ لي بوَعْيِ الأنبياءِ لأصطَلي؟=فكليمُهُ قلبِي توسَّدَ بابَهْ
ناجيتُهُ وغَرسْتُ عَقْليَ عِنْدَهُ=فرَأيتُ .. تعتنِقُ السَّماءُ تُرابَهْ
ويُرتِّلُ القُرآنُ مصحفَ جِسْمِهِ=والكونُ يخشعُ لاثمًا أعتابَهْ
وبِحَمْدِهِ ثَغْرُ الرِّسَالةِ قد شدا:=(أنا مِن حُسينٍ) ، وارتَدَيتُ خِطابَهْ
نَبَأً قرأتُكَ ، عنْهُ (عَمَّ) تساءَلَتْ=والدَّهْرُ لُغْزُكَ مُعْجِزٌ أَلبابَهْ
مفتاحُ كُنهِكَ كَمْ ينوءُ بعُصبةِ الْ=أفهامِ ، كنزُكَ ما كشفْتَ حجابَهْ
أدخلتُ في جَيبِ الزّمانِ يدِي فَلمْ=تخرُجْ بسِرِّكَ واقْتَفَيتُ سَرابَهْ
أتجلبَبُ التاريخَ عَنْكَ مُناشِدًا=فأرَى شمُوخَكَ مُرهِقًا أثوابَهْ
خُيَلاؤُكَ اختصرَ المدَى بعُرُوجِهِ=في عَرْشِ رُمحِكَ والجِراحُ مَهابَةْ
كم حاصرَ الموتُ الجَهاتِ وما احتوى=مَغْزاكَ حتَّى فيكَ ضلَّ صوابَهْ
في كُلِّ مِئْذَنةٍ حُسَينٌ رايةٌ=تعلو وكانتْ كربلا محرابَهْ
مُذْ لاحَ صَوْتُ أذَانِهِ .. قَدْ خِيْرَ لي=أنَا مَصْرعٌ لاقيهِ ، خَطَّ إيَابَهْ
ألفَيتُهُ في كُلِّ عَينٍ غيمةً=تُتْلَى ، ويرتشفُ الخُلودُ عُبابَهْ
يَتربَّعُ الأيَّامَ نَدُّ طُفُوفِهِ=وَالعُمْرُ مِجْمَرُهُ أزاحَ غِيابَهْ
وحراؤُهُ / الأرواحُ مِنْ هَيهاتِهِ=عُجِنَتْ ، فصَلَّتْ تستقلُّ رِكابَهْ
آياتُهُ لمّا توزَّعَ ضَوؤُها=في الأرضِ أَوّلَتِ النجومُ شِهابَهْ
و(الجُودُ) أوَّلُ آيَةٍ في نيْنَوَى =ظمِئَتْ لهُ فَسَقَى الحيَاةَ سحَابَهْ
الماءُ سُبحتُهُ ، مُذِ افتَرَشَ الثَّرَى=سجَّادَةً منحَ الفُراتَ خِضابَهْ
إنْ عَانقَ العَطَشُ اسمَهُ فحرُوفُهُ=نهرٌ ، ويُجْرِي ذِكرُهُ أكوابَهْ
ذاكَ الحسينُ الماءُ ليسَ كمثلِهِ=رِيٌّ ، وتشتاقُ الجُفونُ شَرابَهْ
ينمو فراديسًا بخنصرِهِ النّدى=ومِن اسمِهِ اشتقَّ الغَمامُ عِذابَهْ
أَنا كُلَّما طُفْتُ القَصائدَ سائلاً=عنْ بَحْرِهِ غرَقِي يلوحُ إجابَةْ
أتعبتَ مَن رَسمُوا ملاَمحَكَ التي=تَخِذَتْ بِعَيْنِ اللهِ كَهْفَ غَيَابَةْ
ورفَعْتَ ذاتَكَ يومَ طفلُكَ قد حَبا=للأُفقِ لونَ عقيقِهِ وعِتابَهْ !
واللهُ حينَ أرادَ شرْحَ صِفَاتِهِ=أوحَى لنحرِكَ أنْ يُرِيقَ كِتابَهْ