على قارعةِ الممشى
سنة 2015
تِيهًا يعالجُ بالنّواحِ تَحسُّرَهْ=قلبٌ على نارِ النَّوى ما أصبَرَهْ
يقتاتُ من وجعِ الفِراقِ بزفرةٍ=وإذا نأى ركبٌ أقامَ تسعُّرَهْ
يرنو لكفِّ المَكْرُماتِ، لدعوةٍ=تأتيهِ مِنْ وادي السلامِ مُبشِّرَة
كم عابرٍ يمضي، يمُرُّ بدربِهِ=يلوي الوداعَ يدًا فيغرِسُ خِنجَرَهْ
آهٍ لوجدِكَ يا فؤادُ، أكلّما=نُظِمَ الهوى نَثرتْ شجونُكَ مجمرَة؟!
للهِ درُّكَ في الحسينِ ومبدعٌ=إنْ جفَّ دمعٌ رُحْتَ تنزفُ أحمرَهْ
وأنا على الممشى المهيبِ مطوّحٌ=والعينُ مِنْ لهبِ الفراقِ مفجَّرَةْ
قد قالَ لي المسرى بليلِ مواجعي:=إنَّ الحوائجَ بالحسينِ مُيسّرَة
فأشحتُ عنهُ ومِلْءُ جوفيَ لوعةٌ=ووهبتُهُ جُمَلَ الوداعِ مُكسّرَة
وتلوتُ: حيَّ على المسيرِ لظامئٍ=ما بينَ خلقِ اللهِ قَسَّمَ أنهُرَهْ
وعلى تُرابِ الطّفِّ وهو ممدّدٌ=وحيُ الخلودِ جثا وقبَّلَ منحرَهْ
والرمحُ يحمِلُ رأسَهُ متحرِّزًا=بالذكرِ والفلواتُ تحضِنُ خِنْصَرَهْ
خَطَفَ النهارُ نجومَهُ وسُعودَهْ=والشُّهْبَ والبدرَ المنيرَ ومحضرَهْ
وأتى المساءُ إليه وحشٌ آخَرٌ=ليُجْزِّرَ الحرماتِ بعدَ المجزرَةْ
ليُتِمَّ خِسّتَهَ، أغارَ على الذي=قد كانَ يُؤْويهِ الحسينُ ويستُرهْ
حُلُمٌ على جرحِ الغيابِ حملتُهُ=أمشي بهِ نحوَ الذبيحِ ليعْبُرَهْ
مِنْ بِشْرٍ الحافي وُلِدْنَ قوافلاً=يا بشرَها بِلِقَا الحسينِ مُبشّرَةْ
جيشٌ مِنَ الآهاتِ يَشْهَرُ أدمعًا=ويصولُ في الأزمانِ حتّى ينصُرَهْ
يتلو على سمعِ الوجودِ عقائدًا=الوِدُّ دِينٌ، والبكاءُ تَصدَّرَهْ
أنَّ الحسينَ بعينِ كلِّ موحِّدٍ=دمعٌ، ويَخرجُ عَنْ مدارِ السّيطرَةْ
أنَّ الطفوفَ حِكايةٌ مِنْ آدمٍ=تطوي الحياةَ بغصّةٍ للآخِرَةْ
أنَّ الشُعورَ جناجنٌ مطحونَةٌ=تَحْتَ السنابِكِ بالعراءِ مُبَعثرَةْ
أنَّ الحياةَ بمأتمٍ وبموكبٍ=أنَّ الخلودَ بخدمةٍ مُتجذِّرَةْ