مسلم يُقاتلُ وحده
الجزء الخامس: الإمام الحسين بن علي عليهالسلام
وفي الصباحِ حاطتِ الخُيولُ= بالدارِ وابنُ « أشْعَثٍ » يقولُ
أُخرُجْ إلينا فلكَ الأمانُ= وإنْ أبيتَ تُوقَدُ النيرانُ
فكَرَّ فيهم مُفرداً يُنادي= يا مَنْ نكَثتُمْ بيعةَ الرشادِ
« أقسَمتُ لا أُقتَلُ إلّا حُرّا= وإنْ رأيتُ الموتَ شيئاً نُكْرا
كلُّ أمرئ يوماً مُلاقٍ شَرّا= ويخلطُ الباردَ سخناً مُرّا
رُدَّ شعاع النفسِ فاستقرا= أخافُ أنْ أُكذبَ أوْ أُغَرّا »
حتّى هوى مُخَضَّباً صَرِيعا= فأسرُوهُ بَطَلاً مُرِيعا
جِيءَ بهِ للقصرِ وهوَ يَزأَرُ= يقولُ : هلْ الى الحسينِ مُخْبرُ ؟
ثمَ قضى صَبراً ولمْ يستسلمِ= فأَلْفُ آه للشهيدِ مسلمِ
وأمرَ الطاغي بقتلِ « هاني »= وكانَ في أغلالهِ يُعاني
وسُحِبا في السوقِ بالحبالِ= وصُلِبا مِنْ فوقِ جذع بالِ (1)
وظلَّتِ الكوفةُ تَغلي خائفَهْ= ومكةٌ تَزهو بأندى طائفَهْ
حيثُ الحسينُ لم يزلْ مُقِيما= يُقبّلُ الأركانَ والحَطِيما
يَنهى عنِ الفحشاءِ والمعاصي= حتّى أَتاهُ خبرُ ابنِ العاصي
بأنّهُ جاءَ لكيْ يغتالَهْ= فأخْبرَ الحسينُ سرّاً آلَهْ
في ليلةِ الثامنِ منْ ذي الحِجَّهْ= فتركَ الجميعُ فيها حجَّهْ
وفي الصباحِ لمْ يعُدْ مُقيما= حتى أَتى عشاءً « التَّنْعِيما »
مُودَّعاً بالدمعِ والبكاءِ= منْ أهلهِ وفتيةِ البَطْحاءِ