رحلةٌ في عالمِ الأنوارِ
سنة 2011
نِدَاؤكَ جَلْجَلَ في مَسْمَعِي = وَطَيْفُكَ عَشْعَشَ في أَضْلُعِي
وَعِشْتُكَ والنورُ ملءُ الفؤادِ = مُتَيَّمُ سكرانُ بَلْ لا أَعِي
وَيَومَ جَمَعْتُكَ في المُقْلَتَيْن = تَنَامَى لَكَ الشَوقُ في وَلَعِ
فَرِحْتُ أَحِثُ إِلَيْكَ الخُطَى = وَأَعْصِرُ قَلْبِيْ عَلَى وَجَعِ
وَاَسْكِبُ عَيْنَي وَباقي الحواسِ = وَأُبْحِرُ في مَوْجَةِ الأَدْمُعِ
أذوبُ وَأَسْرَحُ حدَّ الهُيامِ = أُسافِرُ نَحْوَكَ كالهُطَّعِ
فَيَحلو على القَلْبِ بِدْءُ المسيرِ = إلى مَرْتَعِ العاشقِ المُولَعِ
أُمَزِّقُ كُلَّ فُصولَ الزَمَانِ = مُرُوراً عَلَى محنةِ الأَضْلُعِ
وَمِنْ رَحِمِ العُشْقِ بِدْءُ الحياةِ = مُخاضُ فُؤادِي إلى الأَرْوَعِ
أُهاجِرُ عَنْ عَالَمِ المُمْكِنَاتِ = هُيَاماً إلى العالَمِ الأَرْفَعِ
خَيَالاً على صَفَحاتِ الزَمانِ = لأقرأَ مِنْ سِرِّكَ المُودَعِ
فَأَسْبَحُ في عَالَمِ اللاوجُودْ = إلى النُورِ والحُبِ لِلمَنْبَعِ
إلى حَيْثُ أنوارُكُم صوّرتْ = فكانَتْ رَشَاحاً إلى المَطْلَعِ
أَغوصُ هناكَ بِبَحْرِ الهَوَى = وَأَسْبَحُ نَحْوَكَ بالأَرْبَعِ
أَراكَ تُضْمِّدُ جُرْحَ الزَمانِ = تُدِيرُ الحياةَ بِلا أذْرُعِ
تَلوذُ الشموسُ أَراها هُناكَ = بِنُورِكَ بُورِكَ مِنْ مَرْجَعِ
وَيَفْزَعُ مِنْكَ إِلَيْكَ الوجُودُ = كَما يَفْزَعُ الطائِرُ مِنْ مُفْزِعِ
وَيَشتاقُ للصَدْرِ أيَّ اشتياقٍ = كَما الطِفْلِ يَشْتَاقُ لِلمُرْضِعِ
وَكَلٌّ يَسيرُ حَثِيثاً إِلَيْكَ = بِخَطْوةِ مُسْتَيِقِنٍ لا يَعِي
رَأَيْتُكَ نَوراً تَشَرَّبَ في = فُؤادِي وَعَيْنيْ وفي مَسْمَعِي
لِيَجْذِبَ رُوحيَ حَدَّ الجنُونِ = وَيَجْذِبَ كُلَّ كَيانِي مَعِي
أطيرُ , أُهَرْولُ , حَيْثُ الحنينُ = يَشِدُّ فُؤادِي إلى المُبْدِعِ
فَأَخْطُو وَتَخْطُو بِشَوْقِي الجراحُ = تُسَايِرُنِي لِلهَوَى المُمْتِعِ
فَيُطْوَى كِتَابُ الزمانِ الذي = أَعِيشُ إلى سَاحَةِ المَصْرَعِ
هُنَاكَ فَتَحْتُ عُيُونِي عَلَى = صَوَامِعَ في حَرَمٍ أَمْنَعِ
رَأَيْتُكَ تَقْدِمُ رَكْبَ الخُلودِ = بُرُوجاً مِنَ الأَنْجُمِ الصُرَّعِ
وَتَزْرَعُ مجداً بِعُمْقِ الجِرَاحِ = وَلَولاكَ ذا المجدُ لَمْ يُزْرَعِ
هُنَاكَ رَأَيْتُكَ تُحْيِي الرُفاتَ = وَأَنْتَ عَلَى التُرْبِ لَمْ تُرْفَعِ
رَأَيْتُكَ شَمْسَاً بِرَأْسِ القَنَا = تُسَامِرُهَا حُمْرةُ البَلْقَعِ
عَلَيْهَا جَرَى الدَمُّ حَتَّى كَسَا = أَشِعَّتَهَا بالسَنَا الأَنْصَعِ
نَظَرْتُكَ والعَادِياتُ الجِيادُ = ذُهُولاً لِنُورِكَ كَمْ تُسْرِعِ
تُهَشِّمُ صَدْرَكَ وَرْدَ الحُقُولِ = تُثِيرُ نَسِيْمَ شَذىً أَضْوَعِ
أَرَاْكَ وَقَدْ قَبَّلَتْكَ الرِمَاحُ = عَلَيْكَ انْحَنَتْ شَفْرَةُ المَبْضَعِ
تُرِيدُ عِنَاقاً ... تُرِيدُ الوِصَالَ = فَلَمْ تَرَ للَّثْمِ مِنْ مَوْضِعِ
رَاَيْتُكَ حِينَ افْتَرَشْتَ الجِهَاتِ = تَؤُمُّ الكُهُولَ مَعَ الرُضَّعِ
فَتَضْطَرِبُ الأَرْضُ أَيُّ اضطِرَابٍ = لِتكبِيرةِ الحَادِثِ المُفْجِعِ
وَتُجْرِي عَلَيْكَ السماءُ الصلاةَ = قَوَافِلُ مِنْ خُشَّعٍ سُجَّعِ
وَمَا أَغْمَضَتْ عَيْنَهَا للرَحِيلِ = وَأَنْتَ مُوَزَّعُ لَمْ تُجْمَعِ
رَأيتُكَ رُوحاً تُثِيرُ الشُعورَ = عَلَى وَاقِعِ الظُلْمِ والخُنَّعِ
تَخُطُ إلى العالمينَ الحياةَ = عَلَى صَفْحَةِ الطَفِّ بالإِصْبَعِ
وَتَرْمِي المُثَلَّثَ قَلْبَ الجمُودِ = لِيَنْهَضَ مِنْ غَفْلَةِ المَخْدَعِ
أَرَاْكَ وَأَنْتَ تَشِّقُ الطَرِيقَ = عُبُوراً إلى العَالَمِ الأَوْسَعِ
تُعَانِقُ شَفْرَاتَهَا مُقبلاً = تَحُثُ خُطَاكَ وَلَمْ تَرْجَعِ
تُعَلِّمُهَا مِنْ فُنُونِ الإبا = وَغيرُكَ فَنَّ الإبا لَمْ يَعِ
وَتَخْتَصِرُ العُمْرَ في كربلا = مٌرُوراً عَلَى الأَلَمِ المُتْرَعِ
وَتَبْقَى تُلامِسُ كُلَّ الوُجُودِ = بِعُمْقِ سَنَا جِرحِكَ المُشْرَعِ
لِتَرْفَعَهُ مِنْ مَهَاوِي الظَلامِ = وَمِنْ قَعْرِ زَيْفٍ وَمُسْتَنْقَعِ
يَجُوبُ سَمَاءَكَ كالهائِمينَ = وَيَسْكِنُ أُفْقَكَ كاللمَّعِ
أَيَا كَاتِباً صَفَحاتِ الزَمانِ = رَسُولَ الخُلُودِ إلى الطِيَّعِ
ويا مِحْورَ الكَوْنِ وَحيَ السَما = بِسَجَّادَةِ الحُبِّ للرُكَّعِ
ويا صَرْخَةَ الحَقِّ في الثَائِرينَ = ويا دَمْعَةَ العَينِ للخُشَّعِ
رَفَعْنَاكَ فَوْقَ جَبِينِ السَما = مَعانٍ , ولولاكَ لَمْ تُرْفَعِ
حَمَلْنَاكَ حُباً يُدَاوي القُلُوبَ = وَيُسْكِنُ نَزْفَ الهَوَى المُدْقَعِ
وَعِشْنَاكَ في نَشْوَةِ العَاشِقِينَ = تَرَاتيلَ تَأْخِذُ بالمَسْمَعِ
أَماناً سَتَبْقَى بِمَرِ الدُهُورِ = لِكُلِّ تَخَبُطِنَا المُطْقَعِ
وَمَفْزَعُنَا في رُؤَى النائِباتِ = وفي هزَّةِ الأَلَمِ المُوْجِعِ
وَقِبْلَتَنا في صَلاةِ الحَنينِ = ( فبُورِكَ قَبرُكَ مِنْ مَفْزَعِ )
فَيَا مَنْ تَقحَمَ صَدْرِي بِمَا = رَأَيْتُهُ في عَالَمِ الَّلاوَعِي
كَتَبْتُكَ في عَيْني عَيْنِيةً = تَقَبَّلْها يا بْنَ الفَتَى الأنْزَعِ
وَخُذْنِي أَعِيشُكَ في السَاكِنينَ = سُوَيْدَاءَ قَلْبَ الهَوَى اليَافِعِ
لأَبْذُرَ حُبَّكَ في كُلَّ جِيلٍ = حَنَاناً وَعَطْفاً عَلَى الرُضَّعِ
لِتُزْهَرَ مِنْهُ مَعانِي الحَياةِ = وَتَخْضَّرَّ بالواقِعِ المُوْجِعِ
وَخُذْنِي عَلَى رَاحَتَيْكَ أَذُوبُ = لأُولَدَ مِنْ عُمْقِكَ الأَوْسَعِ