بأبي الحسينُ (ع)
سنة 2009
ما كانَ في الحُسبانِ والأفكارِ=أنْ أستبيحَ محارمَ الأشعارِ
وأخطَّ في الليلِ البهيمِ قصيدةً=وأنا أخطُّ قصائدي بنهاري
حتى تبدّلتِ المواقعُ فجأةً=أقصى اليمينِ مسكتُهُ بيساري
فكرهتُ ما حكمَ القضاءُ وإننّي=لمتيمٌ وأذوبُ في الأسفارِ
لمّا ضرامُ البُعدِ ألهبَ خاطري=وأنا بعيدٌ عن تخومِ الدارِ
دارٌ إذا هلَّ المحرّمُ قد بدتْ=سُكانُها في حالةِ استنفارِ
هذا يُكفكفُ في المآتمِ دمعَهُ=ويصبُّها في الخدِّ كالأمطارِ
هذا يُجلجلُ في المنابرِ صوتُهُ=بالنعي والإرشادِ والأذكارِ
هذا يسيرُ مع المواكبِ لاطماً=صدراً وذاكَ بوقفةِ استعبارِ
هلَّ الهلالُ وبانَ للأبصارِ=والأفقُ مُحمّرٌ من الأكدارِ
دونَ الأهلّةِ في المغاربِ شاحبٌ=خلعَ الضياءَ وحلّةَ الأنوارِ
هلَّ المحرّمُ فالشجونُ مضاربي=والجازعاتِ من الديارِ دياري
طلّقتُ أفراحي ثلاثاً كُلَّها=من دائمٍ وكذاكَ من مسيارِ
طلّقتُ أفراحي ولستُ بنادمٍ=لستُ الفرزدقَ في طلاقِ نوارِ
حُزناً على رزءِ الحسينِ مدامعي=تجري كدَفقِ السيلِ والأنهارِ
فيها مواساةُ البتولةِ فاطمٍ=والمصطفى والمرتضى الكرّارِ
للهِ درّهُ من أبيٍّ ثائرٍ=فحروفُهُ لُغةٌ إلى الثوّارِ
لم ينجبِ الأحرارَ إلا صُلبُهُ=فلذا دعوناهُ أبا الأحرارِ
بالنيفِ والسبعينَ قامَ بثورةٍ=ضدَّ البغي وجيشِهِ الجرّارِ
والنصرُ في يومِ الطفوفِ حليفُهُ=فأميّةٌ موصومةٌ بالعارِ
ظنّتْ بأنَّ المجدَ يُسرقُ من يدٍ=أو يُشترى في السوقِ بالدينارِ
وبنى على أرضٍ عزازٍ صرحَهُ ال=عالي وليسَ على شفيرٍ هارِ
بأبي الذي زحفَ الخلودُ مُقبّلاً=أعتابَهُ ليكونَ في الأنصارِ
فكأنَّ أوسمةَ الخلودِ حوافرٌ=وتسابقتْ للفوزِ في المضمارِ
وطأتهُ وهو إلى العلومِ خزانةٌ=وفؤادُهُ مستودعُ الأسرارِ
بأبي الذي يهدي السُراةَ لمجدِها=ويلوحُ مثلَ الكوكبِ السيّارِ
بأبي الذي يكسو الوجودَ تحنُّناً=ويظلُّ في الرمضاءِ جسماً عاري
بأبي الذي أروى الأنامَ كرامةً=ظامٍ يموتُ بجانبِ الأنهارِ
بأبي الذي لطمَ المذلّةَ لطمةً=ذُبحَتْ بها كذبيحةِ الجزّارِ
ومشى بتابوتِ الهَوانِ مُشيّعاً=ورَماهُ في غورٍ من الأغوارِ
بأبي الذي لمّا ترجّلَ مُقبلاً=أوهى الخميسَ فلاذَ بالإدبارِ
ورثَ البسالةَ من أبيهِ وجدِّهِ=فنزالُهُ قدرٌ من الأقدارِ
جرفَ العساكرَ كالحصيِّ بسيفِهِ=وتفتَّتْ من شدّةِ التيارِ
بأبي الذي للشرعِ أرخصَ روحَهُ=وأحاطَ دينَ اللهِ بالأسوارِ
وفدا ديانةَ جدِّهِ وتقطّعتْ=أوصالُهُ بالصارمِ البتّارِ
بأبي الذي يبكي على أعدائهِ=خوفاً عليهم من دخولِ النارِ
هذا رقيقُ القلبِ ينبضُ رحمةً=وقلوبُهمْ أقسى من الأحجارِ
بأبي الحُسينُ وبالحسينِ تعلُّقي=فهو السفينُ بلُجةِ الإعصارِ