ما كانَ في الحُسبانِ والأفكارِ=أنْ أستبيحَ محارمَ الأشعارِ وأخطَّ في الليلِ البهيمِ قصيدةً=وأنا أخطُّ قصائدي بنهاري حتى تبدّلتِ المواقعُ فجأةً=أقصى اليمينِ مسكتُهُ بيساري فكرهتُ ما حكمَ القضاءُ وإننّي=لمتيمٌ وأذوبُ في الأسفارِ لمّا ضرامُ البُعدِ ألهبَ خاطري=وأنا بعيدٌ عن تخومِ الدارِ دارٌ إذا هلَّ المحرّمُ قد بدتْ=سُكانُها في حالةِ استنفارِ هذا يُكفكفُ في المآتمِ دمعَهُ=ويصبُّها في الخدِّ كالأمطارِ هذا يُجلجلُ في المنابرِ صوتُهُ=بالنعي والإرشادِ والأذكارِ هذا يسيرُ مع المواكبِ لاطماً=صدراً وذاكَ بوقفةِ استعبارِ هلَّ الهلالُ وبانَ للأبصارِ=والأفقُ مُحمّرٌ من الأكدارِ دونَ الأهلّةِ في المغاربِ شاحبٌ=خلعَ الضياءَ وحلّةَ الأنوارِ هلَّ المحرّمُ فالشجونُ مضاربي=والجازعاتِ من الديارِ دياري طلّقتُ أفراحي ثلاثاً كُلَّها=من دائمٍ وكذاكَ من مسيارِ طلّقتُ أفراحي ولستُ بنادمٍ=لستُ الفرزدقَ في طلاقِ نوارِ حُزناً على رزءِ الحسينِ مدامعي=تجري كدَفقِ السيلِ والأنهارِ فيها مواساةُ البتولةِ فاطمٍ=والمصطفى والمرتضى الكرّارِ للهِ درّهُ من أبيٍّ ثائرٍ=فحروفُهُ لُغةٌ إلى الثوّارِ لم ينجبِ الأحرارَ إلا صُلبُهُ=فلذا دعوناهُ أبا الأحرارِ بالنيفِ والسبعينَ قامَ بثورةٍ=ضدَّ البغي وجيشِهِ الجرّارِ والنصرُ في يومِ الطفوفِ حليفُهُ=فأميّةٌ موصومةٌ بالعارِ ظنّتْ بأنَّ المجدَ يُسرقُ من يدٍ=أو يُشترى في السوقِ بالدينارِ وبنى على أرضٍ عزازٍ صرحَهُ ال=عالي وليسَ على شفيرٍ هارِ بأبي الذي زحفَ الخلودُ مُقبّلاً=أعتابَهُ ليكونَ في الأنصارِ فكأنَّ أوسمةَ الخلودِ حوافرٌ=وتسابقتْ للفوزِ في المضمارِ وطأتهُ وهو إلى العلومِ خزانةٌ=وفؤادُهُ مستودعُ الأسرارِ بأبي الذي يهدي السُراةَ لمجدِها=ويلوحُ مثلَ الكوكبِ السيّارِ بأبي الذي يكسو الوجودَ تحنُّناً=ويظلُّ في الرمضاءِ جسماً عاري بأبي الذي أروى الأنامَ كرامةً=ظامٍ يموتُ بجانبِ الأنهارِ بأبي الذي لطمَ المذلّةَ لطمةً=ذُبحَتْ بها كذبيحةِ الجزّارِ ومشى بتابوتِ الهَوانِ مُشيّعاً=ورَماهُ في غورٍ من الأغوارِ بأبي الذي لمّا ترجّلَ مُقبلاً=أوهى الخميسَ فلاذَ بالإدبارِ ورثَ البسالةَ من أبيهِ وجدِّهِ=فنزالُهُ قدرٌ من الأقدارِ جرفَ العساكرَ كالحصيِّ بسيفِهِ=وتفتَّتْ من شدّةِ التيارِ بأبي الذي للشرعِ أرخصَ روحَهُ=وأحاطَ دينَ اللهِ بالأسوارِ وفدا ديانةَ جدِّهِ وتقطّعتْ=أوصالُهُ بالصارمِ البتّارِ بأبي الذي يبكي على أعدائهِ=خوفاً عليهم من دخولِ النارِ هذا رقيقُ القلبِ ينبضُ رحمةً=وقلوبُهمْ أقسى من الأحجارِ بأبي الحُسينُ وبالحسينِ تعلُّقي=فهو السفينُ بلُجةِ الإعصارِ