الشيخ الملا الحاج مهدي بن الحاج محمد بن أحمد بن محمد آل شهاب الدرازي
نسبه:
هو الشاعر الأديب، والخطيب المفوّه، صاحب التميّز الخطابي: الشيخ الملا مهدي بن محمد بن أحمد بن محمد آل شهاب.
ولد في الدراز سنة 1322هـ الموافق لسنة 1902م.
عمل في بداية أمره في الطواشة مع أبيه، واستمر يمارسها بعد وفاة أبيه لفترة قصيرة، إلى أن تركها بعد كساد هذه الصناعة مطلع الأربعينيات.
تعليمه:
تتلمذ على يد الشيخ محسن المطاوعة الدرازي في الكتابة والنحو ومبادئ الفقه، ثم تتلمذ على يد الشيخ عبدالله العرب، والعلامة الشيخ عبدالله آل طعان في العلوم الدينية.
ثم ارتحل إلى (لنجا) من سواحل إيران، ودرس في حوزتها العلمية بضع سنوات، ثم زار النجف الأشرف وحضر الدرس عند بعض فضلائها، حتى حصل على الإجازة باستلام الحقوق الشرعية والتصرف فيها من بعض كبار فقهاء النجف آنذاك، مثل آية الله العظمى السيد محسن الحكيم (ت1970م)، فله الإجازة منه بتولي الأمور الحسبية كالأوقاف، ومال الأيتام، ومجهول المالك، والتصرف بحق الإمام في الخمس محررة بتاريخ 10 صفر من سنة 1375هـ، وآية الله العظمى السيد عبدالهادي الشيرازي له الإجازة منه بالتصدي للأمور الحسبية مؤرخة بتاريخ 13 ربيع الأول من سنة 1377ه، وله إجازة أيضاً من العلامة الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد صالح آل طعان بتولي الأمور الحسبية وبالرواية عنه محررة بتاريخ 29 جمادى الثانية من سنة 1364ه.
خطابته:
عرفته المجالس الحسينية وأعواد المنابر خطيباً وبارعاً، يستولي على القلوب بحلاوة منطقة وحديثه، يساعده صوته القوي والشجي، وحسن بيانه، وأدائه المتميّز، له هيمنة واستحواذ على مشاعر المستمع، كان حافظاً لروايات أهل البيت (ع) وخطبهم وسيرتهم، وكان جل حديثه على المنبر رواية أحاديثهم ومواعظهم، وسرد سيرتهم، وذكر مناقبهم، قرأ في مدينة (سيهات) بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية موسم محرم لسنوات طويلة، وكذلك قرأ في مسقط عمان عدة سنوات.
قرأ عشرة محرم لعشر سنوات متواصلة في المنامة في مأتم العجم الكبير بعد العصر، وكان الناس يتهافتون على حضور مجلسه آنذاك، منهم المرحوم الشيخ محمد علي آل حميدان الذي كان يحرص على الحضور عنده، والاستماع له.
وصفه المرحوم العلامة الشيخ سليمان المدني (رحمه الله): عبقري الخطباء، وأسند أفاضلها، وذخر كرامها.
من أخلاقياته:
عرف بالتقوى والزهد والصلاح، والتنزّه عن الغيبة ومجالس اللغو، وتجنب ما لا يعنيه، وحكي الكثير عن ورعه وتقواه، وكان يتحرّز عن المكروهات والشبهات في المأكل والمشرب والملبس.
كان يحرص على نقاء مصادر الأكل كالماء والخبز. ففي وقت من الأوقات كان يجلب له الخبز والماء من خارج الدراز.
حرصه الشديد على الطهارة، فبنى بمنزله حوضا بالقياس الشرعي لضمان الطهارة. هذا الحوض يسمى "الكرّ"، وهو عبارة عن مكعب طول كل من أبعاده الثلاثة 9 أشبار. وكان الوحيد في القرية. فاذا تنجس شيء سواء كان عضو من الجسد ام ماعونا أو أداة أخرى غطسها في الحوض فتصبح طاهرة.
ومن المواقف التي تذكر له والتي توضح مدى تقواه وورعه، أنه لما أنشأت الحكومة خزان الماء الكبير فيي الدراز، ودخل الماء كل بيوت الدراز، رفض هو دخول الماء منزله، لأن الخزان أنشأ على أرض ملك مشترك لبعض الأفراد، فراح يبحث ويستقصي عن مُلاك الأرض حتى يستجيز منهم، ولما عرف بموت ملاكها راح يسأل عن ورثتهم واحداً واحد، رغم كثرتهم وانتشارهم في البحرين والمملكة العربية السعودية، الأمر الذي استغرق منه سنوات، وكان يصالحهم بمبالغ مالية من عنده، فاستجازهم عن نفسه، وعن أهل المنطقة جميعاً، كما استجاز من بعض الفقهاء كآية الله الشيخ محمد أمين زين الدين، وآية الله السيد عبدالهادي الشيرازي، وآية الله السيد محسن الحكيم (قدس سرهم)، فجمع له مجموعة كبيرة من أوراق الإجازات والمصالحات الموقعة من قبل الورثة، وإجازات الفقهاء.
كان كثير الذكر لله سبحانه وتعالى، وعمل النوافل والمستحبات، والبقاء على الطهارة دائماً، والتهجد في الليل، وكان مخلصاً لله في خدمة أهل البيت (عليهم السلام)، كثير البكاء عليهم، لا سيما في اليوم العاشر من المحرم، حيث يمسك عن الطعام والشراب حتى إذا جاء وقت العصر شرب قليلاً من الماء، بعد أن يمزجه بدموعه السخينة.
كان يقيم مجلسًا حسينيًا أسبوعيًا (عادة) ليلة الخميس.
كما كان شديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك كان يتمتع بمكانة عالية في نفوس من عرفوه، وشخصية محبوبة ومهيوبة، وكانت له كلمة مسموعة.
قال فيه الأستاذ علي بن ملا منصور الشهابي: (كان على درجة كبيرة من الخلق الكريم، مقتدياً في ذلك بأهل بيت الرسول (ص)، فقد كان كريماً، محباً للناس كل الناس، صادق الحديث، نقي السريرة، عامراً قلبه بالإيمان، بشوشاً، تجلس إليه فتراه حلو الحديث، متواضعاً، تكاد البسملة والحوقلة والحمد لا تفارق شفتيه، أضف إلى ذلك زهده وتقواه، وابتعاده عن الشبهات.
وقال أيضاً: عاش شغوفاً بالعلم والمعرفة، ولذلك لم يفته كتاب وقع نظره عليه، بل كان يقرأه ويتدبر معانيه، كما راح يتردد على مجالس الذكر، ويلتصق بالعلماء الأجلاء، ينهل من علومهم وآدابهم، وقيمهم الفاضلة، وكان لهذا كله دور بارز في تكوين شخصيته، تلك الشخصية المؤمنة التي عرفت باستقامتها طيلة إحدى وثمانين سنة، فقد كان مثالاً للفضيلة والعمل الصالح في جميع حركاته وسكانته، والقدوة الحسنة في الزهد والتقوى وحب الخير).
شعره:
نظم الشعر باللسانين الدارج والفصيح، في مدح ورثاء أهل البيت (ع)، وفي تأبين وتأريخ بعض العلماء، لكنه أجاد في الدارج، طبع قسم من ديوانه بجزئيه، وبقيت له مجموعة من القصائد لم تطبع.
مؤلفاته:
1- ديوان (النصرة المهدية للعترة الأحمدية) من جزئين، طبع الجزء الأول في النجف الأشرف سنة 1379هـ الموافق لسنة 1959م، في فصلين، فصل فصيح في مدح ورثاء النبي وأهل بيته (عليهم السلام)، بدأ بمنظومة في حديث الكساء من 74 بيتاً، ثم فصل باللسان الدارج في رثاء أهل البيت (عليهم السلام)، وطبع الجزء الثاني في البحرين سنة 1983م.
2- كتاب (نور البيان والتبيان في مولد صاحب الزمان (عج)) طبع في البحرين سنة 1987م.
3- كتاب (منهاج الكرامة وسفينة النجاة والسلامة في وفاة الزهراء (ع))، مخطوط.
وفاته:
توفي (رحمه الله) في البحرين شهر رجب سنة 1403هـ، عن عمر ناهز الواحدة والثمانين سنة، وترك بنتاً واحدة .
أرّخ وفاته الشيخ عباس الريس:
فهو يوم به يؤرخ (وجد ذاك مهديُّ قد مشى للجنان). (1402هـ)