صعصعة بن صوحان العبدي
صعصعة بن صوحان العبدي
(24 ق.هـ - 60 هـ)
هو صعصعة بن صوحان بن حجر بن الهجرس بن صبرة بن حردجان بن ليث بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصى العبدي.
قبيلته:-
ينتمي إلى قبيلة عبد القيس من ربيعة التي قدمت إلى البحرين في الجاهلية أخو الأمير زيد بن صوحان
مولده:-
ولد صعصعة بن صوحان في دارين في القطيف سنة 24 قبل الهجرة الشريفة.
نسبه:-
هو صعصعة بن صوحان بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن دحل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصي بن عبد القيس العبدي بن دعمي بن جديعة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
وآل صوحان من أسرة تنتمي إلى قبيلة (عبد القيس) من (ربيعة) التي عرفت بولائها الخالص لأمير المؤمنين (ع)، أما رأس هذه الأسرة (صوحان) والد الصحابي الجليل صعصعة كان سيدا مطاعا في قومه، ورئيسا نافذ القول فيهم كما قالت عنه عائشة أنه كان رأسا في الجاهلية وسيدا في الإسلام.
و لصعصعة إخوان كرام وهم: زيد (هو نفسه الأمير زيد بن صوحان الذي بقع ضريحه في قرية المالكية في البحرين) وسيحان وقيل هو نفسه عبد الله، أما زيد فكان من الأبدال وقد أستشهد مع أمير المؤمنين (ع) في موقعة الجمل عام (36 هجرية) وأستشهد معه أخوه سيحان (رض) في نفس الواقعة مدافعين بذلك عن الإسلام وتحت لواء علي (ع)، وقد وصف (عقيل بن أبي طالب) زيد وأخيه فقال فيهم: " وأما زيد وعبد الله فانهما نهران جاريان، يصب فيهما الخلجان، ويغاث بهما اللهفان، رجلا جد لا لعب معه … … ".
كما سأل ابن عباس صعصعة في وصف أخوته فقال: (كان عبد الله سيدا شجاعا، مألفا مطاعا، خيره وساع، وشره دفاع، قلبى النحيزه، أحوزى الغريزة، لا ينههه منهنه عما أراده، ولا يركب من الأمر إلا عتاده).
أما زيد فقال فيه: (كان والله يا ابن عباس عظيم المروءة، شريف الأخوة، جليل الخطر، بعيد الأثر، كميش العروة، أليف البدوة، سليم جوانح الصدر، قليل وساوس الدهر، ذاكر الله طرفي النهار وزلفا من الليل).
فصاحته ورواية الحديث الشريف:-
عرف عن صعصعة أنه كان خطيبا فصيحا مصداقا لقول ابن عباس له " أنك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء ماورثت هذا عن كلالة " كما شهد بذلك معاوية عند وصفه آل صوحان فقال : " بأنهم مخاريق الكلام ".
لقد أسلم صعصة في عهد الرسول (ص) ولم يره، فكان يروي الحديث عن عثمان وعلي (ع) وروى عن أبو إسحاق السبيعي، والمنهال بن عمرو، وعبد الله بن بريدة وغيرهم الكثير. فكان أيضا صعصعة بن صوحان ثقة معروف وثقة ابن سعد والنسائي.
ولصعصعة شعر جميل يرثي به الإمام علي (ع) فيقول :
هل خبر القبر سائليه .. أم قر عينا بزائريه
أم هل تراه أحاط علما .. بالجسد المستكين فيه
لو علم القبر من يواري .. تاه على كل من يليه
ياموت ماذا أردت مني .. حققت ما كنت أتقيه
ياموت لو تقبل افتداء .. لكنت بالروح افتديه
دهر رماني بفقد ألفي .. أذم دهري واشتكيه
وله في هجو معاوية فيقول :
تمنيك نفسك مالا يكون .. جهلا معاوية لا تأثم
وله في عتاب المنذر بن الجارود فيقول :
هلا سألت بني الجارود أي فتى .. عند الشفاعة والبان ابن صوحانا
كنا وكانوا كأم أرضعت ولدا .. عق ولم نجز بالاحسان إحسانا
لا تأمنن على سوء فتى دهرا .. يجزي المودة من ذي الود كفرانا
جهاده :-
عندما أشعل مُوقِدو الفتنة فتيل الحرب على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الجمل ، كان إلى جانب الإمام ، وبعد أن استشهد أخواه زيد وسيحان اللذان كانا من أصحاب الألوية ، رفع لواءهما وواصل القتال . وفي حرب صِفِّين ، كان رسول الإمام ( عليه السلام ) إلى معاوية ، ومن أُمراء الجيش ، وراوي وقائع صفِّين . كما وقف إلى جانب الإمام ( عليه السلام ) في حرب النهروان ، واحتجَّ على الخوارج بأحقِّيَّة إمامه وثباته . ونطَق صعصعة بفضائل الإمام ومناقبه أمام معاوية وأجلاف بني أمية مراراً ، وكان يُنشد ملحمة عظمته أمام عيونهم المحملقة ، ويكشف عن قبائح معاوية ومثالبه بلا وجل . وكم أراد منه معاوية أن يطعن في علي ( عليه السلام ) ، لكنَّه لم يلقَ إلاَّ الخزي والفضيحة ، إذ جُوبِه بخطبه البليغة الأخَّاذة .
وعندما ثار الناس على عثمان ، واتفقوا على خلافة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، آمنه معاوية مكرهاً بعد استشهاد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وصُلح الإمام الحسن ( عليه السلام ) . فاستثمر صعصعة هذه الفرصة ضدَّ معاوية ، وكان معاوية دائم الامتعاض من بيان صعصعة الفصيح المعبِّر ، وتعابيره الجميلة في وصف فضائل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ولم يخفِ هذا الامتعاض .
موقفه من عثمان:-
في الأمالي للطوسي عن صعصعة بن صوحان قال : دخلت على عثمان بن عفَّان في نفر من المصريِّين ، فقال عثمان : قدِّموا رجلاً منكم يكلِّمني ، فقدّموني ، فقال عثمان : ( هذا ! ) ، وكأنّه استحدثني . فقلت له : إنَّ العلم لو كان بالسن لم يكن لي ولا لك فيه سهم ، ولكنَّه بالتعلم . فقال عثمان : هات . فقلت : بسم الله الرحمن الرحيم : ( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج : 41 .
فقال عثمان : فينا نزلت هذه الآية . فقلت له : فَمُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر . فقال عثمان : دَعْ هَذا وهات ما معك . فقلت له : بسم الله الرحمن الرحيم : ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج : 40 . فقال عثمان : وهذه أيضاً نزلت فينا . فقلت له : فأعطنا بما أخذت من الله .
فقال عثمان : يا أيَّها الناس ، عليكم بالسمع والطاعة ، فإنَّ يد الله على الجماعة وإنَّ الشيطان مع الفذ ، فلا تستمعوا إلى قول هذا ، وإنَّ هذا لا يدري مَن الله ولا أين الله . فقلت له : أما قولك : ( عليكم بالسمع والطاعة ) ، فإنّك تريد منَّا أن نقول غداً : ( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) الأحزاب : 67 . وأمَّا قولك : ( أنا لا أدري من الله ) ، فإنَّ الله ربُّنا وربُّ آبائنا الأولين . وأمَّا قولك : ( إني لا أدري أين الله ) ، فإنَّ الله تعالى بالمرصاد . قال : فغضب وأمر بصرفنا ، وغلق الأبواب دوننا . ورُوي أن عثمان نفاه إلى الشام مع مالك الأشتر ورجالات من الكوفة .
ولاؤه الخالص لأمير المؤمنين (ع) :-
جاء عن الإمام الصادق (ع) أنه قال (وما كان مع أمير المؤمنين (ع) من يعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه).
فقد شهد مع الإمام علي (ع) مواقعه كلها، فقد جرح في الجمل، وكانت له مناورات مشهورة بأحقية أمير المؤمنين (ع) قال (رض): في الإمام علي (ع) " كان فينا كأحدنا، لين الجانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف فوق رأسه ".
وقف (رضي الله عنه) يوم بيعة الإمام علي (ع) يخاطبه " يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك ورفعتها وما رفعتك، وهي إليك أحوج منك إليها".
كما ذكر أبو الفرج الاصبهاني (إن صعصعة بن صوحان أستأذن على علي (ع) وقد أتاه عائدا لما ضربه أبن ملجم، فلم يكن عليه إذن، فقال صعصعة للآذن: قل له يرحمك الله يا أمير المؤمنين حيا وميتا، فقد كان الله في صدرك عظيما، ولقد كنت بذات الله عليما. فأبلغه الآذن ذلك فقال: وأنت يرحمك الله فقد كنت خفيف المؤونة، كثير المعونة).
صعصعه بن صوحان العبدي يسأل والأمام علي (ع) يجيب:-
في اخر يوم من حياة امير المؤمنين الامام علي (ع) الكريمة ، حينما كان على فراش الموت والشهادة ، حضر عنده جماعة من أصحابه لعيادته ، وكان ممن حضر صعصة بن صوحان ، وهو من كبار الشيعة في الكوفة ، وكان خطيبا بارعا ، ومتكلما لامعا ، وهو من الرواة الثقات حتى عند أصحاب الصحاح الستة وأصحاب المسانيد .
في ذلك اليوم سأل صعصعة الإمام عليا عليه السلام قائلا :
- يا أمير المؤمنين ! أخبرني أنت أفضل أم آدم (ع) ؟
- فقال الإمام عليه السلام : يا صعصعة ! تزكية المرء نفسه قبيح ، ولولا قول
الله عز وجل : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ما أجبت .
يا صعصعة ! أنا أفضل من آدم ، لأن الله تعالى أباح لآدم كل الطيبات
المتوفرة في الجنة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنه عصى ربه وأكل منها !
وأنا لم يمنعني ربي من الطيبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة فأعرضت عنها
رغبة وطوعا .
- فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح ؟
- فقال عليه السلام : أنا أفضل من نوح ، لأنه تحمل ما تحمل من قومه ، ولما
رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم ، فقال : ( رب لا تذر على
الأرض من الكافرين ديارا ).
ولكني بعد حبيبي رسول الله (ص) تحملت أذى قومي وعنادهم ، فظلموني كثيرا
فصبرت وما دعوت عليهم.
- فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم ؟
- فقال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن إبراهيم قال : ( رب أرني كيف تحي
الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ).
ولكني قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
- قال صعصعة : أنت أفضل أم موسى ؟
- قال (ع) : أنا أفضل من موسى لأن الله تعالى لما أمره أن يذهب إلى فرعون
ويبلغه رسالته ( قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ).
ولكني حين أمرني حبيبي رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل حتى أبلغ أهل مكة
المشركين سورة براءة ، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم ! مع ذلك أسرعت
غير مكترث ، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل ، فوقفت في جمعهم رافعا صوتي ،
وتلوت آيات من سورة براءة ، وهم يسمعون !!
- قال صعصة : أنت أفضل أم عيسى ؟
- قال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن مريم بنت عمران لما أرادت أن تضع
عيسى ، كانت في البيت المقدس ، جاءها النداء يا مريم اخرجي من البيت !
هاهنا محل عبادة لا محل ولادة ، فخرجت ( فأجاءها المخاض إلى جذع
النخلة ).
ولكن أمي فاطمة بنت أسد لما قرب مولدي جاءت إلى بيت الله الحرام والتجأت
إلى الكعبة ، وسألت ربها أن يسهل عليها الولادة ، فانشق لها جدار البيت
الحرام ، وسمعت النداء : يا فاطمة ادخلي ! فدخلت ورد الجدار على حاله
فولدتني في حرم الله وبيته.
رثاء صعصعة بن صوحان لأمير المؤمنين (ع) :-
لما اُلحِدَ أمير المؤمنين وقف صعصعة بن صوحان العبدي على القبر ، ثم قال: ( بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين . هنيئاً لك يا أبا الحسن ، فقد طاب مولدك وقويَ صبرك ، وعظم جهادك ، وظفرتَ برأيك ، وربحتْ تجارتُك ، وقد قَدِمتَ على خالقك ، فتلقاك الله ببشارته ، وحفتك ملائكته ، واستقررت في جوار المصطفى ، فأكرمك الله بجواره ، ولحقت بدرجة أخيك المصطفى ، وشربت بكأسه الأوفى . فأسأل الله أن يمن علينا باقتفاء أثرك ، والعمل بسيرتك ، والموالاة لأوليائك والمعاداة لأعدائك ، وأن يحشرنا في زمرة أوليائك ، فقد نلت ما لم ينله أحد ، وأدركت ما لم يدركه أحد ، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده ، وقمت بدين الله حق القيام ، حتى أقمت السنن وأبرت الفتن ، واستقام الإسلام وانتظم الإيمان ، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام .
بك اشتد ظهر المؤمنين ، واتضحت أعلام السبل وأقيمت السنن ، وما جُمع لأحد مناقبُك وخصالُك ، سبقتَ إلى إجابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مُقدِماً مؤثراً ، وسارعت إلى نصرته ، ووقيته بنفسك، ورميت بسيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، وقصم الله بك كل جبار عنيد ، وذلَّ بك كل ذي بأس شديد ، وهدم بك حصون أهل الشرك والبغي والكفر والعدوان والردى ، وقتل بك أهل الضلال من العدى، فهنيئا يا أمير المؤمنين ، كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأولهم سلماً ، وأكثرهم علماً وفهماً .
فهنيئاً لك يا أبا الحسن ، لقد شرف الله مقامك ، وكنت أقرب الناس إلى رسول الله نسباً ، وأولهم إسلاماً ، وأكثرهم علماً ، وأوفاهم يقيناً ، وأشدهم قلباً ، وأبذلهم لنفسه مجاهداً ، وأعظمهم في الخير نصيباً ، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك ، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر ، وإن يومك هذا مفتاح كل شر ، ومغلاق كل خير ، ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة !! ثم بكى بكاء شديداً وأبكى كل من كان معه ، وعدلوا إلى الحسن والحسين عليهما السلام ومحمد وجعفر والعباس وعون وعبد الله فعزوهم في أبيهم عليه السلام ). (الأنوار العلويةص288)
قالوا فيه:-
لقد شهد الجميع لصعصعة بالفضائل من محبيه وأعدائه ومما قيل فيه :-
سماه الإمام علي (ع): (الخطيب الشحشح)
وقال عنه عمر بن الخطاب: (آنت مني وآنا منك)
وقال عنه عبد الله ابن عباس : (انك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء)
وقال فيه عقيل بن أبي طالب: (صعصعة عظيم الشأن قليل النظير)
وقال معاوية بن أبي سفيان: (وددت والله أني من صلبه)
وقال عنه عبد الملك بن مروان: (انه احضر الناس جوابا)
وقال عنه المغيرة بن شعبة: (حسبك لعمري لقد أوتيت لسانا فصيحا)
نفيه:-
(والله لأجفينك عن الوساد، وأشردن بك في البلاد) بهذا القول الذي صدر عن معاوية وهو يهدد صعصعة لعدم تحمل السلطات الأموية وجوده بين ظهرانيهم، فكان شوكة في جنوب الباغين، وقذى في عيون الظالمين، فأمر واليه على الكوفة المغيرة بن شعبة بإبعاده عن الكوفة باعتبارها معقلا لتحركه الجماهيري المعارض، ونفيه إلى جزيرة (أوال)، وهي جزيرة البحرين الحالية، ،معلنا بداية رحلة بلاء جديدة زاده التقوى وسلاحه الإيمان، وشعاره الإسلام، وهدفه الإصلاح، أنيسه الحق ورفيقه الصبر. و الرحلة تطول وما تزيد هذا الصحابي الجليل الا صلابة وإباء، واستعداد للفداء والجسد معذب، والنفس مستبشرة، البدن متعب، والروح مطمئنة، خلاصة الجهاد نصر أو شهادة. و أخيرا عاد السيف إلى قرابة، فان (أوال) كانت موطن أسلافه فلا غرور أن وطد فيها دعائم الولاء لآل البيت (ع)، حتى استوى على سوقه، وآتى أكله يانعا بإذن ربه.
وفاته ومقامه:-
توفي الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان (رض) في جزيرة أوال بعد نفيه إليها سنة 56 هجرية وهي أحد جز مملكة البحرين حاليا، وقيل سنة 60 هجرية وله من العمر سبعين سنة، ودفن في قرية (عسكر) الواقعة جنوب جزيرة المنامة العاصمة في البحرين، ويقع بها ضريح صعصعة ومسجده المسمى باسمه على ساحل البحر وكانت تعلوه قبة ثم تهدمت ولم يعاد بنائها من جديد، وبناء المسجد عامة قديم وهو مزار مشهور لدى عامة الناس ويأمه الزائرون من كل مكان في البحرين باختلاف طوائفهم في العطل وفي المناسبات. وفي جنوب قبر صعصعة قبرين أحدهما (للشيخ محمدالجوي) من صلحاء قرية جو ودفن هناك بوصية منه، والثاني لأحد الصلحاء ويدعى الحاج محمد بن درباس والقبرين موجودين في المسجد المحيط بقبر صعصعة وخارج المصلى يوجد أماكن لجلوس الزائرين لقضاء يومهم فيه.
كما يوجد لصعصعة مسجد مسمى باسمه في الكوفة وأخر لأخيه زيد ولكن لا يحتويان على قبريهما، ولمسجد صعصعة في الكوفة أعمال مذكورة في كتب الأدعية كما ذكروا أن له فضائل وكرامات يتناقلها الخلف عن السلف.
وصف لقبر ومسجد صعصعة في البحرين:-
يقع قبر ومسجد صعصعة ابن صوحان في قرية عسكر جنوب مدينة المنامة وهي قرية قديمة من قرى شيعة أهل البيت في البحرين وقد هجرها سكانها الشيعة كما يبدو منذ القدم، وفي اعتقادي هي من ضمن القرى التي دمرت في الهجوم العماني عام 1717م من قبل إمام مسقط سلطان بن سيف حيث قام بعد احتلال البحرين بقتل الأهالي شيعة أهل البيت لمدة ستة أيام ودمر قراهم وهرب الكثير منهم إلى سواحل إيران والقطيف وكان في البحرين 360 قرية لم يتبق منها بعد هذا الهجوم سوى 90 قرية مهدمة.
البوابة الرئيسية للمسجد تقع في الجهة الشمالية منه وهي عبارة عن باب صغير من الحديد وفي أعلى الباب لوحة كتب عليها «مسجد الشيخ صعصعة ابن صوحان» وفي الداخل مبنى متواضع قديم مبني سقفه من الخشب والاسمنت، وفيه رواق من الخارج ينقسم هذا المبنى إلى قسمين قسم لمصلى للرجال وقسم لمصلى للنساء وفي مصلى الرجال يوجد قبر الصحابي صعصعة ابن صوحان سلام الله عليه ووضع عليه شباك من الخشب مفتوح من الجانب الجنوبي والشمالي يتمكن الزائر من ملامسة القبر الشريف، وعلى شباك القبر وضعت لوحتين أحدهما كتبت عليها نبذه عن التابعي «أو الصحابي» صعصعة ابن صوحان، بقلم / عبد العزيز بن سلمان بن محمد راشد العرادي، أوضح فيها نبذه عن الشيخ صعصعة ابن صوحان ومكان مولدة ونسبه، وأقوال المعصومين فيه، وموضع قبره ووفاته. وفي اللوحة الأخرى زيارة الشيخ صعصعة ابن صوحان. وفي قسم النساء يوجد قبران هما، قبر الشيخ محمد الجوي وهو أحد الرجال الصلحاء من قرية جو، دفن في المسجد بوصية منه، وقبر الحاج محمد بن درباس أحد المؤمنين الأتقياء، وفي الجهة الجنوبية من المسجد توجد مقبرة قديمة يبدو أنها لأهالي قرية عسكر السكان الأصليون من شيعة أهل البيت الذين شردوا من ديارهم.