الشيخ عبد العظيم الربيعي
حياة العلامة الفاضل آية الله الشيخ عبدالعظيم الربيعي
هو العلامة الفاضل والأديب الكامل الشيخ عبدالعظيم ابن المرحوم الشيخ حسين ابن المرحوم الشيخ علي الجد علي (التوبلي) البحراني الربيعي، ينتهي نسبه إلى تغلب بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وكفى ربيعة فخراً وشرفاً أن يقول فيهم أميرالمؤمنين:
جزى الله عني ـ والجزاء بفضله ـ ربيعة خيراً، ما أعفّ وأكر ما ولد في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام، الشهر الحادي عشر للسنة 1323 هـ في قصبة النصار من جزيرة عبادان، وهي من أعمال خوزستان التابعة لإيران.
حيث هاجر إليها من (جد علي) وهي قرية من قرى توبلي في البحرين جده العلامة الشيخ علي الآنف الذكر في أواخر القرن الثالث عشر الهجري. وقد صادف مولد المؤلف ـ لحسن الإتفاق ـ يوم مولد سيّدنا الإمام الثامن علي بن موسي الرضا(ع)، فسر والده بهذه المصادفة وسأل الله له حياة كريمة، وتفاءل هو نفسه لنفسه السعادة والتوفيق بهذه المصادفة الكريمة، فنظم ـ بعد ذلك هذه الرباعية، مؤرخاً عام ولادته:
ألفال كان بها يسر المصطفى من حيث كانت بالسعادة تنطق وإذا ولدت بليلة ولد الرضا أرختها (عبدالعظيم يوفق) تربى المؤلف في أحضان والده المقدس الشيخ حسين (ره) تربية صالحة، وبدأ اشتغاله في المقدمات على يده زمناً لا يستهان به.
هجرته إلى النجف الأشرف
ثم هاجر في حياة والده إلى النجف الأشرف على مشرفه السلام في أواخر سنة 1342 هـ وأقام فيها إحدى وعشرين سنة، يستقي من مناهلها المترعة، ويغتذي ثمارها الروحية، حيث قرأ السطوح على علماء فضلاء من مشاهير العرب والعجم، منهم :
1 ـ المرحوم العلامة الشيخ محمد الصغير المتوفى سنة 1360 هـ
2 ـ آية الله العلامة السيد جواد التبريزي
3 ـ آية الله الشيخ باقر الزنجاني
4 ـ آية الله العلامة الشهير الشيخ عبدالنبي العراقي،
5 ـ آية الله الشيخ ملا صدرا الشيرازي وغيرهم،
وفي بحث الخارج حضر بحوث الأعلام حجج الإسلام وآيات الأعلام :
1 ـ آية الله العظمى المرحوم السيد ابوالحسن الاصفهاني البهبهاني
2 ـ آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الاصفهاني،
3 ـ آية الله الشيخ أقا ضياء الدين العراقي
4 ـ آية الله العظمى السيد ابوالقاسم الخوئي
5 ـ آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين.
6 ـ آية الله العظمى السيد محسن الحكيم الطباطبائي إلى كثير من أضرابهم ونظرائهم.
عودته إلى بلاده
ثم غادر النجف إلى بلاده آخر سنة 1363 هـ مزوداً بالإجازات من سماحة آية الله العظمى السيد أبوالحسن الاصفهاني البهبهاني قدس سره، والعلامة الشيخ أقا ضياء الدين العراقي، والشيخ عبدالنبي العراقي رحمهما الله، وآية الله العظمى السيد ابوالقاسم الخوئي (ره). عاد إلى وطنه حاملا مشعل العلم وراية الهدى، فقام منذ ذلك الوقت بإرشاد الناس إلى الحق، ونشر أحكام الدين، وتقويم الأخلاق، وخلق الوعي الديني، وخدمة العلم عالماً ومعلماً وكاتباً وشاعراً. وهو اليوم من العلماء الذين طلبوا العلم للعلم وقرنوا العلم بالعمل وخدموا الدين للدين، ولأكثر عارفيه أعظم وثوق فيه، فهم يأتمون به في أداء فرايضهم وهو يسأل الله أن يجعله فوق ما يظنون، ويغفر له ما لا يعلمون واستمع له يناجي ربه في إحدى رباعياته:
كثير من عبادك ظن خيراً ومعروفاً (بعبدك يا عظيم) ألا فاجعلني فوق الظن واغفر لعبدك ما به أنت العليم وهو من المؤلفين النابغين بنتاجهم العلمي الأدبي الخالد في السجل الفكري الإسلامي، وإليك شيئاً من صفاته وآثاره. أخلاقه
لو جلست إلى هذا الشيخ مرة واحدة لعرفت ما يمتاز به مجلسه من أخلاق باهرة، ورصانة طيبة، وأدب جم يستشهد في كل موضوع بآية من القرآن الكريم أو بيت من الشعر أو بهما كليهما، أو خبر فيه طرافة ونكتة ومتعة. وهو صاحب همة عالية ونفس كبيرة، صريح إلى أبعد حدٍ وأبرز ظاهرة فيه أنه لا يحفل عندما يتفوه بكلمة حق بكثرة من لا يستمري سماع كلمة الحق، وإنما يهمه أن تعبر عن رأيه وتنبع من قلبه، ولا بد لمن كان هذا شأنه ان يكون له استعداد للصمود في وجه تيارات التحدي والصدمات العنيفة التي يلاقيها كبراء النفوس في سبيل إصلاح المجتمع الإنساني، ومما يهون الخطب أن من كان رائده الحق فلا بد أن ينصره الله، ولو بعد حين، أجل (إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم) (ولينصرنّ الله من ينصره، إن الله لقويّ عزيز). وهو صاحب بيت مفتوح سمح يطرقه الزائرون والأضياف في كل وقت، فيجدون فيه ما ينعشهم من البشاشة والسخاء، ورجابة الصدر، وذلك في نهر العلم أحد أنهار معمرة القصبة.
نشاطه الأدبي
لعل صاحبنا لا يحتاج إلى تبريز وتعريف من الناحية الأدبية نظراً لنشاطه وجهاده الأدبي الدائم، إنه في الحق من كبار الأدب العربي، وفحول الرثاء الحسيني، وإن شعه يذاع على الأسماع باستمرار من المنبر الحسيني الخالد ولم يكن شعره مقصوداً على اللسان الفصيح فسحب، بل له في النوعين القريض والشعبي يد لا تجحد ولسان جواهره لا تنفذ لذلك استحق ان يصدر ديوانه المطبوع لأول مرة عند التعريف به بأنه (شاعر الحسين وبليغ اللسانين) وقد نظم بأوزان شتى، وفي مواضيع كثيرة لا تتاتي لكل أحد، وكل شعره ـ إلا ما شذّ ـ في مدح ورثاء الرسول وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام). أما في النثر كتابه القيم (سياسة الحسين) بيان رائع بديع (يزيد القاريء بصيرة في عظمة النهضة الحسينية، ويرد الشبه والإعتراضات التي تحوم حولها) بأسلوب علمي إستدلالي، وبراهين عقلية ونقلية، فمرحباً بجهود الموالين وعواطف المحبين الصادقين.
مؤلفاته المطبوعة
1 ـ سياسة الحسين في جزءين
2 ـ وفاة الرضا
3 ـ رباعيات الربيعي وهي 444 في المواعظ والنصائح والحكم والأمثال
4 ـ ألفيّة الربعي
5 ـ المنظومة في المنطقة
6 ـ المنظومة في البلاغة
7 ـ المنظومة في العقائد
وفاته
فهو رحمه الله لم ينفك عن الكتابة والتأليف مواصلاً جهاده العلمي إلى حين وفاته (8 جمادي الأولى 1399 هـ). وقد أجاد الشاعر المطبوع صاحب الفضيلة المرحوم الميرزا ابراهيم جمال الدين حيث وصفه بالمجاهد في نظم تأريخ وفاته:
عبدالعظيم أخو العلى خطبي به خطب جسيم عاش الحياة مجاهداً أرّخ (وقد رحل العظيم) قدس الله نفسه الزكية وجزاه الله عن اسلام والمسلمين خيرا.
بقلم: الشيخ عبدالامير الجمري