الشيخ حسين بن شهاب الدين بن حسين بن خاندار الشامي الكركي العاملي
الشيخ حسين بن شهاب الدين بن حسين بن خاندار (2) الشامي الكركي العاملي، هو من حسنات عاملة، ومن العلماء المشاركين في العلوم المتضلعين منها، أما حظه من الأدب فوافر، ولعلك لا تدري إذا سرد القريض أنه هل نظم درا، أو صاغ تبرا .
ذكره معاصره في (الأمل) وقال : كان عالما فاضلا ماهرا أديبا شاعرا منشيا ؟ من المعاصرين له كتب منها : شرح نهج البلاغة، وعقود الدرر في حل أبيات المطول والمختصر، وحاشية المطول، وكتاب كبير في الطب، وكتاب مختصر فيه، وحاشية البيضاوي، ورسائل في الطب وغيره، وهداية الأبرار في أصول الدين، ومختصر الأغاني، وكتاب الاسعاف ورسالة في طريقه، وديوان شعره، وأرجوزة في النحو، أرجوزة في المنطق، وغير ذلك وشعره حسن جيد خصوصا مدائحه لأهل البيت عليهم السلام، سكن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخذناها من (أمل الآمل) نقلها عن خط ناظمها .
(2) في خلاصة الأثر : جاندار .
أصفهان مدة ثم حيدر آباد سنين ومات بها، وكان فصيح اللسان، حاضر الجواب، متكلما حكيما، حسن الفكر، عظيم الحفظ والاستحضار، توفي في سنة 1076 وكان عمره 68 سنة . ا ه .
وبالغ في الثناء عليه السيد المدني في (السلافة) ص 355 ومما قال : طود رسى في مقر العلم ورسخ، ونسخ خطة الجهل بما خط ونسخ .
علا به من حديث الفضل إسناده، وأقوى به من الأدب أقواؤه وسناده .
رأيته فرأيت منه فردا في الفضائل وحيدا، وكاملا لا يجد الكمال عنه محيدا .
تحل له الحبى وتعقد عليه الخناصر، أوفى على من قبله وبفضله اعترف المعاصر .
يستوعب قماطر العلم حفظا بين مقروء ومسموع، ويجمع شوارد الفضل جمعا هو في الحقيقة منتهى الجموع، حتى لم ير مثله في الجد على نشر العلم وإحياء مواته، وحرصه على جميع أسبابه وتحصيل أدواته .
كتب بخطه ما يكل لسان القلم عن ضبطه، واشتغل بعلم الطب في أواخر عمره، فتحكم في الأرواح و الأجساد بنهيه وأمره .
ثم ذكر انتقاله وتجوله في البلاد، وقدومه على والده سنة أربع وسبعين، ووفاته يوم الاثنين لإحدى عشرة بقيت من صفر سنة ست وسبعين وألف عن أربع وستين سنة تقريبا . وذكر من شعره مائتين وواحدا وعشرين بيتا . ومنها قوله :
يا شقيق البدر ! أخفى * فرعك المسدول بدرك
فارحم العشاق واكشف * يا جميل الستر سترك
وقوله :
جودي بوصل أو ببين * فاليأس إحدى الراحتين
أيحل في شرع الهوى * أن تذهبي بدم الحسين ؟
وقوله :
ولقد تأملت الزمان وأهله * فرأيت نار الفضل فيهم خامده
فتن تجوش ودولة قد حازها * أهل الرذالة والعقول الفاسده
فقلوبهم مثل الحديد صلابة * وأكفهم مثل الصخور الجامده
فرأيت أن الاعتزال سلامة * وجعلت نفسي واو عمرو الزائده
ومن شعره المذكور في (أمل الآمل) قوله:
رضيت لنفسي حب آل محمد * طريقة حق لم يضع من يدينها
وحب علي منقذي حين يحتوي * لدى الحشر نفس لا يفادى رهينها
وقوله من قصيدة :
أبا حسن ! هذا الذي استطيعه * بمدحك وهو المنهل السائغ العذب
فكن شافعي يوم المعاد ومونسي * لدى ظلمات اللحد إذ ضمني الترب
ومن شعره قوله (1):
ما لاح برق من ربى حاجر * إلا استهل الدمع من ناظري
ولا تذكرت عهود الحمى * إلا وسار القلب عن سائري
أواه كم أحمل جور الهوى ؟ * ما أشبه الأول بالآخر ؟
يا هل ترى يدري نؤوم الضحى * بحال ساه في الدجى ساهر ؟
تهب إن هبت يمانية * أشواقه للرشأ النافر
يضرب في الآفاق لا يأتلي * في جوبها كالمثل السائر
طورا تهاميا وطورا له * شوق إلى من حل في الحائر
كأن مما رابه قلبه * علق في قادمتي طائر
ومنها :
يطيب عيشي في ربى ظبية * بقرب ذاك القمر الزاهر
(محمد) البدر الذي أشرق * الكون بباهي نوره الباهر
كونه الرحمن من نوره * من قبل كون الفلك الدائر
حتى إذا أرسله للهدى * كالشمس يغشي ناظر الناظر
أيده بالمرتضى حيدر * ليث الحروب الأروع الكاسر
فكان مذ كان نصيرا له * بورك في المنصور والناصر
يجندل الأبطال يوم الوغى * بذي الفقار الصارم الباتر
توجد ترجمة شاعرنا [الحسين] في خلاصة الأثر 2 : 90 - 94، ورياض الجنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخذنا أبياتا منه من (أمل الآمل) وعدة أبيات من (خلاصة الأثر) .
في الروضة الرابعة لسيدنا الزنوزي، وإجازات البحار ص 125 لشيخنا العلامة المجلسي، وروضات الجنات ص 193، 557، وتتميم أمل الآمل لابن أبي شبانة، ونجوم السماء ص 93، وسفينة البحار 1 : 273، وأعيان الشيعة 26 : 138 - 156، والفوائد الرضوية 1 : 135، وشهداء الفضيلة ص 123، وذكره صاحب (معجم الأطباء) ص 171 وأثنى عليه وقال : وذكره البديعي في كتابه (ذكرى حبيب) وقال فيه : هو ثاني أبي الفضل البديع الهمداني، وثالث ابن الحجاج والواساني، وقد دون مدايحه وسماها (كنز اللآلي) وجمع أهاجيه ووسمها ب (السلاسل والأغلال) اشتغل بعلم الطب في آخر عمره .. إلخ رحم الله معشر السلف .