الشيخ جعفر بن محمد الخطي العبد قيسي البحراني
الشيخ جعفر الخطي
هو العالم الفاضل أبو البحر شرف الدين الشيخ جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر بن عبد الإمام العبدي من عبد القيس الخطي ، أحد المشاهير علامة فاضل من الصلحاء الأبرار وكان مع وفور تقواه أديب رقيق وشاعر مطبوع جزل اللفظ منسجم الأسلوب قوي العارضة من شعراء أوائل القرن الحادي عشر وأحد المعاصرين لمفخرة الشيعة الشيخ بهاء الدين العاملي ورد عليه في أصفهان خلال زيارته لثامن الأئمة علي بن موسى الرضا عليه السلام ومدحه بقصيدة عصماء وجاراه في رائيته في مدح صاحب الزمان سلام الله عليه حيث اقترح عليه ذلك فقال على البديهة وفي مجلس البهائي :
هي الدار تستسقيك مدمعها الجاري فـسقياً فأجدى الدمع ما كان للدار
ولا تـستضع دمعاً تريق iiمصونه لـعزته مـا بـين نؤي iiواحجار
فأنت امرء بالأمس قد كنت iiجارها وللجار حق قد علمت على iiالجار
إلى آخرها وهي مماثلة لقصيدة البهائي التي مطلعها :
سرى البرق من نجد فجدد تذكاري عهود بحزوى والعذيب وذي قار
له من الآثار المنشورة بين الناس ديوان شعره المشهور .
قال يعتذر إلى الشريف أبي عبد الله بن عبد الرؤوف الحسيني العلوي حين أنكر منه ما كان يألفه من أنسه وعنايته وتوسم فيه المكافاة على ما يجن فقال يعتذر عن هذا الوهم وبعث بها اليه سنة 1019 :
يـا سـيداً عظمت iiموا قـع فضله عندي iiوجلّت
هـذي مـواهبك iiالـتي سقت الورى نهلا iiوعلت
مـا بـالها كثرت iiعلى غيري وعني اليوم iiقلت
لــم أدر أي iiخـطيئة عـثرت بها قدمي وزلت
خطب لعمر أبي ، iiتضي ق بـه السماء وما أظلت
والأرض تعجز عن تحم لـها جـفاك ومـا iiأقلت
وسـيوف عتبك يا iiأعز الـعالمين عـليّ iiسُـلت
أحـسين إنـي iiوالـذي عـنت الوجوه له iiوذلت
لـعلى الـوفاء كما iiعلم تَ وان جفت نفس وملت
تـربت يـد علقت بغي رك أو بفضل سواك بُلت
هـذا وأن مـدت iiيـدي لـسواك تسأله iiفشُلت(1)
وقال عندما عبر البحر من قرية كتكان توبلي قاصداً قرية بوبهان(2) وذلك حالة الجزر ولما توسط معظم الماء وثب بعض السمك واسمه (السبيطي) نافراً في وجهه فشق وجنته اليمنى فنظم هذه القصيدة الغراء سنة 1019 هـ :
بـرغـم الـعوالي والـمهندة الـبتر دمــاء أراقـتـها سـبيطية iiالـبحر
ألا قـد جـنى بـحر الـبلاد iiوتوبلى عـليّ بـما ضـاقت بـه ساحة البر
فـويل بـني شنّ ابن أقصى وما الذي رمـته بـه أيـدي الحوادث من iiوتر
دم لـم يـرق من عهد نوح ولا iiجرى عـلى حـدّ نـاب لـلعدو ولا iiظـفر
تـحامته اطـراف الـقنا iiوتـعرضت لـه الحوت يا بؤس الحوادث iiوالدهر
لـعمر أبـي الأيـام ان بـاء iiصرفها بـثار امـرئ مـن كل صالحة مثري
فـلا غـرو فـالأيام بـين iiصروفها وبين ذوي الأخطار حرب إلى iiالحشر
ألا أبـلـغ الـحـيين بـكراً iiوتـغلباً فـما الـغوث إلا عـند تغلب أو بكر
(1) عن أعيان الشيعة : ج 16 ص 202 .
(2) كتكان وبوبهان من قرى البحرين .
أيـرضيكما أن امـرءاً مـن iiبـنيكما وأي امـرئ لـلخير يـدعى iiولـلشر
يـراق عـلى غـير الضبا دم iiوجهه ويـجري عـلى غـير المثقفة iiالسمر
وتـنبو نـيوب الـليث عـنه iiوينثني أخـو الـحوت عنه دامي الفم iiوالثغر
لـيقضي امـرؤ من قصتي عجباً iiفمن يرد شرح هذا الحال ينظر الى iiشعري
أنـا الـرجل الـمشهور ما من iiمحلة مـن الأرض إلا قـد تـخللها iiذكري
فان أمسي في قطرمن الأرض إن iiلي بـريد اشـتهار فـي مـناكبها iiيسري
تـولع بـي صـرف القضاء ولم تكن لـتجري صروف الدهر إلا على iiالحر
تـوجهت مـن (مري) ضحى iiفكأنما تـوجهت مـن مـري إلى العلقم iiالمر
تـلجلجت خـور الـقريتين iiمـشمراً وشـبلي مـعي والماء في أول iiالجزر
فـمـا هــو إلا أن فـئت iiبـطافر من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر
لـقد شـق يـمنى وجـنتي iiبـنطحة وقـعت بـها دامي المحيا على iiقطري
فـخيّل لـي أن الـسموات iiأطـبقت عـليّ وأبـصرت الكواكب في iiالظهر
وقـمت كـهدي نـدّ مـن يـد iiذابح وقـد بـلغت سـكّينة ثـغرة iiالـنحر
يـطـوحني نـزف الـدماء iiكـأنني نـزيف طـلى مـالت به نشوة الخمر
فـمن لا مرئ لا يلبس الوشي قد iiغدا وراح مـوشّى الـجيب بالنقط iiالحمر
ووافـيت بـيتي مـا رآني امرؤ ولم يـقل أوَ هـذا جـاء من ملتقى iiالكر
فـها هـو قـد ألـقى بوجهي iiعلامة كما اعترضت بالطرس إعرابة iiالكسر
فـان يـمح شـيئاً مـن محياي إثرها بـمقدار أخـذ المحو من صفحة iiالبدر
فـلا غـرو فـالبيض الـرقاق iiأدلها عـلى الـعتق ما لاحت به سمة iiالاثر
وقـل بـعد هـذا لـلسبيطية افخري عـلى سـائر الـشجعان بالفتكة iiالبكر
وقـل لـلضبا فـيئي اليك عن iiالطِلا ولـلسمر لا تـهززن يوماً إلى iiالصدر
فـلو هـمّ غـير الحوت بي لتواثبت رجـال يخوضون الحمام إلى iiنصري
فـاما إذا مـا عـنّ ذاك ولـم iiأكـن لأدرك ثـاري مـنه ما مدّ في عمري
فـلست بـمولى الـشعران لـم iiأزجّه بـكل شـرود الـذكر أعدى من iiالعرّ
أضـرعلى الأجـفان من حادث العمى وأبـلى على الآذان من عارض iiالوقر
يـخاف عـلى من يركب البحر شرها ولـيس بـمأمون عـلى سـالك iiالبر
تـجوس خـلال الـبحر تـطفح iiتارة وتـرسو رسو الغيص في طلب iiالدر
تـنـاول مـنه مـا تـعالى iiبـسبحه وتـدرك دون الـقعر مـبتدر iiالـقعر
لـعمر أبـي الـخطي ان بـات iiثاره لـذي غـير كـفوٍ وهو نادرة iiالعصر
فـثار عـلي بـات عـند ابـن iiملجم وأعـقبه ثـار الحسين لدى iiشمر(1)
وترجم له المحبي في (خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر) ج 1 ص 483 وقال : ولما نظم القصيدة المعارضة لقصيدة الشيخ البهائي واطلع عليها البهائي قرضها تقريضاً حسناً ، ذكره في السلافة وذكر له بعض أشعاره أوردتُ منها قطعة في (النفخة) التي ذيلت بها على الريحانة ومطلعها (عاطنيها قبل ابتسام الصباح) . وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله .
(1) عن ديوان الخطي .