يبدو الحسينُ يُغطّي سيفَهُ بورودِ النّهرِ ثمَّ يرشُّ الماءَ فوقَ دم القتلى، فتظهرُ خلفَ الأفْقِ عاصفةٌ. ما زلتُ أحملُ أكفاناً.. ممزَّقةً=وحفنةً من رمال خبّأت وجَعي أمشي وخلفيَ تمشي ألفُ عاصفة=كأنّها وُلِدت في كربلاءَ معي! صوتٌ يجيءُ: رأينا غيمةً هبَطت ليلا تُفَتِّشُ بينَ الرملِ عن دمهِ الضمآنِ، ثمَّ توارتْ وهيَ حائرةٌ.. وَجهي ووجهُكَ شيءٌ واحدٌ ولنا=ظلُّ فَمَن أنتَ، هل أنتَ الذي قُتِلا؟ بالأمسِ أَغلَقَني يأسي، وغادرني=لوني، فهلْ جئتَ ضوءً تفتحُ الأملا؟ تركتُ قلبيَ عندَ النهرِ نورسةً=ظمأى تشظّى لَدَيها الماءُ واشتعلا خطوي يطاردُ صحرائي، وقد تعبت=أشلاؤُهُ وانتهى المسرى وما وصلا فكيفَ جئت ربيعاً، رملُ واحتِهِ=تلوّنَ النجمُ من رؤياهُ، واكتحلا؟ «السيفُ ينزفُ ماءً» قلتَ، وارتجفتْ=كفُّ الزمانِ، فهل أنتَ الذي قُتِلا؟ صوتٌ يجيءُ: هيَ الأشياءُ تُولدُ في كفَّيِه، والرّيحُ طفلٌ خلفَ قامتهِ يبكي، وللشَّمِس خيطٌ من توهّجهِ... لِجثّتي أمسُها نهراً وسنبلةً=وسوفَ يحملُ أعراسَ الحصادِ غدُ وفي ارتجافِة موتي غَيمةٌ، وبأشلائي=مخاضاتُ صبح لَمَّها جَسدُ عيناي صمتٌ غريبٌ، خلفهُ لغةٌ=أُخرى.. وأشرعةٌ تنأى وتبتعدُ صوتٌ يجيءُ: رأينا الشَّمسَ تحملُهُ=في لحظة قد توارى عندها الأَبدُ!