وجّهتُ وجهِيَ نحوَ الطفِ في شَجَنٍ=أبكي الحسينَ فيُسقينيْ النّوى حُرَقا وجهتُ وجهيْ إلى قبرٍ أحاطَ بهِ=نورُ الإلهِ ومِنْ أركانهِ اْنبثق قبرٌ تحُفُّ بهِ الأملاكُ عاكفة=تأبى النُّزوحَ وتأبى عنهُ مُفْترَقا يُسبِّحونَ بِحمدِ اللهِ في وَجَلٍ=ويسجدون بإِجلالٍ لهُ وتُقى ويَخدمون حسيناً حقَّ خدمتهِ=فَهُمْ بِفضْلِ حسينٍ نورهُمْ خُلِق والناسُ مِنْ كلِّ فجٍ حول مرقدهِ=يملأْنَ مِنْ كلِّ حَدْبٍ نحوهُ الطُّرق وجَّهتُ وَجْهيَ أبكي سيدي وأنا=جاثٍ على رُكبتي والصَّدرُ قَدْ خُنِق أبكي النَّوى حيثُ لمْ أحظى بِمَدِّ يدي=نحوَ الضَّريحِ ولمْ أدنوهُ مُعْتنقا يا سَعْدَ مَنْ يَشْبكُ الشُّباكَ مُحتضناً=ويذرُفُ الدمعَ حتى يُقرِحُ الحَدَق ويستغيثكَ كيْ تقضي لهُ كَرَباً=و يَسْتجيرُكَ مِنْ رُزءٍ بهِ طرَقَ فما يَفكُّ يديهِ مِنْ مُعانقةٍ=إلاَّ وَقدْ فُكَّ مِنْ بلواهُ وانْعَتَق وقفتُ أنعاكَ لا في القولِ مُمْتلِقاً=ولا لِدمعيَ والأحزانِ مُخْتلِقا وما اْستجاشَتْ إليكَ النفسُ عَنْ فَنَدٍ=وما نظمتُ لكَ الأشْعارَ مُرْتزِقا إنِّي خلِقتُ فكانَتْ خِلقتي طيناً=وكانَ حبُّكَ والولاءُ ليْ خُلُقا إنِّي وحَقِّكَ لمْ أنعى على بَشَرٍ=مِنْ قبلُ والدمعُ مني قَطُّ ماْ اْنهَرَق إلاَّكَ يا سيدي جفنيَّ هدّهُما=كُثْرُ البُكا وبدمعِ العينِ قد غرِقا وكُلَّما جدَّت الذكرى تملَّكَني=شوقٌ إليك فما ولَّى ولا امَّحَقَ فقلتُ: يا ليتني مِمّن إليك سَعَتْ=أرواحهم حينَ جَدَّ الموتُ مُسْتبَقا مَنْ كان نُصرَةُ دينِ الحقِّ مبدأُهُم=فكان نصرُ حسينٍ منهُ مُنطلَقا ومَنْ لك استرخصوا الأرواحَ فاستبقوا=جيشَ الرّدى مُذ عدا يُرديكَ مُنْدَفِقا آلَواْ بِأنْ لا يظلَّ السبطُ مُنفرداً=إلاّ إذا الجسمُ منهُمْ بالدِّما غَرِقا حتى استَبدَّ بِهمْ ضرْبُ السيوفِ فَخَ=رُّوا ينزفونَ دماءاً تنفَحُ العَبَقَ فبعضُهمْ مَنْ بِخيْلِ القومِ قدْ سُحِقوا=وبعضهم منْ بِسيْفٍ هامُهمُ فُلِق وبعضهم مَنْ على شَطِّ الفراتِ بَقَتْ=أعضاءُهُمْ بالضُّبا منْثورةً مِزَقا يا ليتني كُنتُ منهُمْ يومَ أنْ هَجموا=لَكُنتُ في سبْقِهِمْ للموتِ مُسْتبِقا وليتني كُنتُ منهمْ يومَ أنْ صُرِعُوا=وكُنتُ تحْتَ خيولِ القومِ مُنْسَحِقا يا سيدي إنَّ ما أدْمَتْ لهُ مُقَلي=وأجَّ في قلبيَ الأحزانَ فاحترقَ حِينَ اْستدارَتْ عليكَ القومُ و اْزْدَحمتْ=كتائباً ضاقَ منها الطفُّ وانغلق جاءوكَ والجشعُ اْستهوى ضمائرهم=مِنْ كُلِّ مَنْ أنْكَرَالإسلامَ أوْ فَسَق سلُّوا عليكَ سيوفاً كلها ظمئتْ=لِسَفكِ دمِّكَ وانْهالتْ بها فِرَقا يا سيدي إنَّني لو لمْ أكُنْ لكَ في=أرضِ الطفوفِ معَ الأنصارِ مُرْتَفِقا إنّي إليكَ هنا عبدٌ و يُسعِدُني,=في دربِ مُعتقدي , أنْ ألفِظَ الرَّمَقَ وكُلَّما عاد يومُ الطفِ صرتُ بهِ=للشِّعرِ أنْظمُ بالأحزانِ مُحترِقا يا سيدي وتَراني اليومَ تُلهِمُني=رجوى و تُغلِقُ عني دونكَ الطُرُقَ أرجُوكَ بَعدَ الذي دانَتْ لِعزَّتِهِ=كلُّ الدُّنا وهُوَ الرّبُّ الذي خَلق أرجوْ الوصولَ لِحَيثُ الشوقُ يأخذني=نحوَ الضريحِ فأدنُو مِنهُ مُلتصِقا أرجو الوصولَ لِحَيثُ التُربُ مُأْتلِقاً=وحيثُ ينفحُ مِنْ أرجاءهِ عَبَقا أرجو الوصولَ إلى القبرِ الذي أبَداً=ما أقبلَ الليلُ إلاّ البدرُ مِنهُ رَقى أرجو الوصول إلى القبرِ الذي أبَداً=لا يطلعُ الصّبحُ إلاّ منهُ مُنفَلِقا يا سيدي وإذا حَانَ الحسابُ غداً=وكلُّ عضوٍ بجسمي صادقاً نَطق أرجو الشفاعَة عِنْدَ الِله يا أمَلِيْ=في يومِ ينكُرِني الخِلاّنَ والرُفَقا