تأسفت جارتي لما رأت زَوَري=و عدّت الشيب ذنباً غير مغتفرِ ترجو الصّبا بعدما شابت ذوائبها=و قد جرت طلقاً في حلبةِ الكِبَرِ أجارتي! إن شيب الرأس نفّلني=ذِكر الغواني، و أرضاني مِنَ القدرِ لو كُنتُ أركُنُ للدُنيا و زيتتها=إذن بكيتُ على الماضين من نفري أخنى الزمانُ على أهلي فصدّعهم=تصدّع الشعبِ لاقى صدمة الحَجَرِ بعضٌ أقام و بعضٌ قد أهاب بهِ=داعي المنيةِ و الباقي على الاثرِ أما المقيم فأخشى أن يفارقني=و لست أوبة من ولى بمنتظرِ أصبحت أُخبِرُ عن أهلي و عن ولدي=كحالمٍ قصّ رؤيا بعد مُدّكرِ لولا تشاغُلُ نفسي بالأُلى سلفُوا=من أهل بيت رسول الله لم أقرِ و في مواليكَ للمحزون مشغلةٌ=من أن يبت لمفقودٍ على أثرٍ كم من ذراعٍ لهم بالطف بائنةٍ=و عارضٍ من صعيد التُربِ مُنعفِرِ أمسى الحسين و مسراهُم لمقتلهِ=و هُم يقولون هذا سيدُ البشرِ يا أمة السوء ماجازيت أحمد عن=حُسن البلاءِ على التنزيل و السورِ خلفتُموهُ على الابناءِ حِينَ مَضَى=خِلافة الذّئب في إنقاد ذي بقرِ و ليس حيٌ من الاحياء نعلمهُ=من ذي يمانٍ و من بكرٍ و من مُضَرِ قال يحيى بن أكثم وأنفذني المأمون في حاجة فعدت وقد انتهى إلى قوله : إلا و هُم شُركاءٍ في دمائهمُ=كما تشارك أيسارٌ على جُزرِ قتلاً و أسرا و تحريقاً و منهبةً=فِعلَ الغُزاةِ بأرض الروم والخَزَرِ أرى أُمية معذورين إن قتلوا=ولا أرى لبني العبّاس من عُذُرِ أبناء حربٍ و مروان و أُسرتُهم=بنو معيطٍ ولاةُ الحِقدِ والوَغَرِ قومٌ قتلتُم على الإسلام أوّلَهم=حتى إذا استمكنوا جازَوا على الكُفرِ أربع بطُوسٍ على قبر الزكيّ بها=إن كُنت تربعُ من دينٍ على وطرِ قبران في طُوسَ: خيرُ الناس كلّهم=و قَبرُ شرّهُم، هذا من العِبَرِ! ما ينفعُ الرّجسَ مِن قُرب الزكي ولا=على الزكيّ بقُرب الرجسٍ من ضَرَرِ هيهات كل امرئ رهن بما كسبت=له يداه فخذ ماشئت أو فذرِ قال : فضرب المأمون بعمامته الارض، وقال، صدقت والله يا دعبل .