أرى أدمعي منها السحائبُ تستجدي= وفي القلبِ جمرٌ من فراقِكَ في وَقْدِ فيا وقفةً في الحيّ يُشْجي ادّكارُها = وللشوق نارٌ قد حُرقت بها وحدي وما كان من ذكرى سعادٍ وزينبٍ = وهندٍ ولا ذكرى المرابعِ من نجدِ ولكن إلى وادي الغريّ صبابتي = وفَرْطُ حنيني والمبرّحُ من وجدي هنالكَ حيث الرملُ حبّاتُ لؤلؤٍ = تأرّجُ عطراً قد تضمّخَ بالمجدِ أقامَ عليها الخلدُ عنوانَ فخرِهِ = فكانتْ برغمِ الدهرِ أجدرَ بالخلدِ يعانقنَ قبراً ضمّ للحقِّ والهدى= مناراً به كلُّ البريّةِ تَستهدي يضمّ فتىً قد كان ردءاً لأحمدٍ = وغوثاً إذا ماجتْ قريشٌ من الحقدِ وقاهُ بنفسٍ كان لولا وفاؤها = لوفّتْ قريشٌ للضلالةِ بالعهدِ تصدّى لها والسيفُ في كفِّ قِسْوَرٍ = يُجدّلُ أبطالاً أشدَّ من الاُسْدِ سَلوا عنه بدراً كيف أردى كماتِها = وإلا سَلوا عنه الوقائعَ في أحْدِ ويومَ حنينٍ فاسألوا من أبادَها = بسيفِ لنصرِ الدينِ جرّدَ من غِمْدِ وفي الخندق الأحزابُ لما تحزّبت = كتائبَ غيٍّ تستحثُّ خُطى الجِدّ فمن ردّها والموتُ يحدو ركابها = غداة انبرى بالسيف لابن أبي ودِّ فقامَ لهُ والمسلمونَ كتائبٌ = فتيّاً تحدّى الموتَ كالأسدِ الوَردي كما قامَ الصمصامُ في كفِّ مرحبٍ = يناجزُ جيشاً ليس يطمعُ بالردّ برى مَرحباً وانصاعَ يَفني عَصائباً = من الشَّركِ كانتْ كالأنامل للزندِ بيومٍ به لم يبقَ للدين ناصر سواه = وقد مالَ الأنامُ عن القصْدِ ثمانونَ حرباً قد جلاها ببأسه = ولم يشكُ من ثقلِ الجراحِ ولا الجهدِ وما كان فيها حين ذاك مؤخّراً = عن القومِ بل كان الطليعةَ في الجُنْدِ يزمُّ لواءَ النصر جذلانَ منجزاً = لوعد الفدا والحرّ أنجز للوعد يكافح لا يُثنيه عن نصر أحمد = زحوف ضلال لا تثوب إلى الرشدِ وكان له كالظلِّ في كلِّ موقفٍ = يقيه بنفسٍ لا تنام على حِقْدِ كريمةُ طبعٍ قد غذاها محمّدٌ = بغارِ حراءٍ بالسماحةِ والرّفْدِ ويرضعه دَرّاً من الحِلْمِ والتقى = وكان له حجرُ الرسالةِ كالمَهْدِ فغذّاه طفلاً ثم ربّاهُ يافعاً = بقلبِ نبيٍّ لا يفيضُ سوى الودِّ تفرّسَ فيه شَمْخَةً هاشميةً = بملءِ فمِ الأيّامِ تذكرُ بالحمد ولما دعاهم يومَ خمٍّ نبيّهُم = يناديهِمُ والبيدُ تُملأ بالحشْدِ بقولٍ له في مسمعِ الدّهرِ رنّةُ = على رغمِ عمروٍ إن تنكّر أو زيدِ فمن كنتُ مولاهُ فهذا وليّهُ = وليس سواه للخلافةِ من بعدي فمدّتْ له الأيدي إلى أخذِ بيعةٍ = لتسلمَ من أمْتِ الغواية والصدِّ وهنّا أبو حفصٍ علياً مخاطباً = بأنك مولاي المدلّ إلى الرشدِ ألا لا رعى الشّورى التي يدّعونها = وقد أقبرت حق الوصيّةِ في لحْدِ ولم ترعَ للقرآنِ نصّاً مؤكّداً = فعادت بوجه بالضلالة مسودِّ وهبّت تغذُّ السير تلقاء غيّها = على عَجَلٍ سَيْرَ العِطاشِ إلى الوِرْد تأصَّلَ فيها الغيّ حتى كأنّها = له خُلِقَتْ لا للفضيلةِ والحمدِ وخلّت عليّاً يجرعُ الموتَ صابراً = يفوّضُ ما يلقاهُ للأحدِ الفردِ وساموهُ أنْ يختارَ إما لحقِه = يثورُ فيفني الدينَ رائدُهُ المهدي وإما يميزُ الصمتَ من كان سيفهُ = بهم خاطباً فأختارَ أضمنَ للعهدِ وما قيمةٌ للمُلْكِ في جنبِ غايةٍ = رعاها بِروح لا يكلُّ من الكدِّ ومن طلّق الدنيا ثلاثاً أ يرتجي = تملّك أيامٍ تزولُ مع العدِّ؟ أبا حسنٍ أفديك نفساً أذابَها = لذيعُ جوىً بالرائعاتِ لكم تُهدي أتيتُ بها أبغي إلى الله قربَةً = وتلكَ ليومِ الحشرِ أذخرُ ما عندي وإنّي بيومِ الحشرِ أرجو شفاعةً = فإني إلى جدواكَ أطمعُ بالرّفْد عليك سلامُ الله يا منقذَ الورى = ومنجدَها يا قطبَ دائرةِ المجدِ