باسمِ الحسينِ دعا نعاءِ نعاءِ=فنعى الحياةَ لسائِرِ الأحياءِ وقَضى الهلاكُ على النفوس وإنما=بَقِيَتْ ليبقى الحزنُ في الاحشاءِ يومٌ بهِ الاحزانُ مازَجَتِ الحشى=مثلَ امتزاجِ الماءِ بالصهباءِ لَم أنْسَ إذ تَرَكَ المدينةَ وارداً=لا ماءَ مَدْيَنَ بل نَجيعَ دماءِ قد كان موسى والمَنيَّةُ إذ دَنتْ=جاءتْهُ ماشيةً على استحياءِ وله تجلّى الله جلَّ جلالُهُ=من طُورِ وادي الطفِ لا سيناءِ فهُناكَ خرَّ وكلُّ عضوٍ قد غدا=مِنه الكليمَ مُكلَّمَ الأحشاءِ يا أيها النبأُ العظيمُ إليكَ في=ابنَيكَ مِنّي أعظمَ الانباءِ إنَّ اللذَينِ تسرَّعا يقيانِكَ ال=أرماحَ في صفّينَ بالهيجاءِ فأخَذْتَ في عَضُدَيهِما تُثنِيهِما=عمّا أمامَكَ من عظيمِ بلاءِ ذا قاذفٌ كَبِداً له قِطَعاً وذا=في كربلاءَ مُقطَّعُ الأعضاءِ مُلقًى على وجهِ الصَّعيدِ مجرَّداً=في فِتيةٍ بيضِ الوجوهِ وِضاءِ تلك الوجوهُ المُشرِقاتُ كأنَّها=الأقمارُ تَسبَحُ في غديرِ دِماءِ رَقَدُوا وما مرَّتْ بِهِم سِنَةُ الكَرى=وغَفَتْ جفونُهُمُ بِلا إغفاءِ متوسّدينَ مِنَ الصعيدِ صخورَهُ=مُتمَهِّدينَ خُشونةَ الحَصباءِ مُدَّثّرينَ بكربلا سُلُبَ القَنا=مُزَّمِّلينَ على الرُبى بِدِماءِ خُضِبوا وما شابوا وكانَ خِضابُهُم=بدمٍ منَ الاوداجِ لا الحَنّاءِ أطفالُهُم بَلَغوا الحلومَ بِقُربهِم=شوقاً إلى الهيجاءِ لا الحَسناءِ ومُغَسَّلِينَ ولا مياهَ لهم سِوى=عَبَراتِ ثَكْلى حَرَّةِ الأحشاءِ أصواتُها بُحَّتْ فهُنَّ نوائِحٌ=يَندِبْنَ قتلاهُنَّ بالإيماءِ أنّى التفتْنَ رأينَ ما يُدمي الحشى=مِن نَهبِ أبياتٍ وسَلْبِ رِداءِ تشكو الهَوانَ لِنَدْبِها وكأنَّه=مُغضٍ وما فيهِ مِنَ الإغضاءِ وتقولُ عاتبةً عليهِ وما عسى=يُجدي عِتابُ مُوزَّعِ الأشلاءِ قد كنتَ للبُعَداءِ أقربَ مُنجِدٍ=واليومَ أبعدَهُم عنِ القُرَباءِ أدعوكَ مِن كَثَبٍ فلَمْ أجِدِ الدُعا=إلاّ كما ناديتُ للمُتَنائي قد كنتُ في الحرمِ المنيعِ خبيئةً=واليومَ نَقْعُ اليَعمُلاتِ خِبائي أُسبى ومثلُكَ من يَحوطُ سُرادِقي؟=هذا لَعَمْرِي أعظمُ البُرَحاءِ ماذا أقولُ إذا التقيتُ بشامِتٍ=إنّي سُبِيتُ وإخوَتي بإزائي؟ حَكَمَ الحِمامُ عليكُمُ أنْ تُعرِضوا=عنّي وإنْ طرَقَ الهوانُ فِنائي ما كنتُ أحسبُ أنْ يَهونَ عليكُمُ=ذُلّي وتسييري الى الطلقاءِ هذي يتاماكم تلوذُ بِبَعضِها=ولكم نساءٌ تلتجي لنساءِ عَجَباً لقلبي وهو يألَفُ حُبَكُم=لِمَ لا يذوبُ بحُرقَةِ الأرزاءِ وعَجِبْتُ مِن عيني وقد نظرتْ الى=ماءِ الفراتِ فلَم تَسِلْ في الماءِ وألومُ نفسي في امتدادِ بَقائِها=إذ ليس تَفنى قبلَ يَومِ فَناءِ ما عُذرُ من ذكَرَ الطفوفَ فلم يَمُتْ=حُزناً بذكرِ الطاءِ قَبلَ الفاءِ إني رَضِيتُ من النواظرِ بالبُكا=ومِنَ الحَشى بتنفُسِ الصُعَداءِ ما قَدْرُ دَمعيَ في عظيمِ مُصابِكُم=إلا كشُكرِ الله في الآلاءِ وكِلاهُما لا ينهضانِ بواجِبٍ=ابداً لدى الآلاءِ والأرزاءِ زَعَمَتْ أميةُ أنَّ وَقعةَ دارِها=مثلُ الطفوفِ وذاك غيرُ سَواءِ أينَ القتيلُ على الفراشِ بِذِلَّةٍ=مِن خائِضِ الغَمَراتِ في الهيجاءِ شتانَ مقتولٌ عليهِ عُرْسُهُ=تَهوى ومقتولٌ على الوَرْهاءِ ليس الذي اتَّخَذَ الجدارَ مِنَ القَنا=حِصنًا، كمُقرِيهِنَّ في الأحشاءِ

Testing
عرض القصيدة