أشفُّ حزينًا كنَحْرٍ صَبي
إذا الدمعُ وارى لَآلِيهِ بي
هو الحزنُ محبرةُ الشعرِ لو لَمْ
أُغمِّسْهُ بالدمعِ لم أكتبِ
أنا من جنوبٍ يرى السنديانَ
ويهزأُ بالزمنِ الأحدبِ
حسينيّةُ القريةِ اقترحَتْ
صبايَ على الوجعِ الأشيَبِ
ربيبُ المواكبِ،
أُسألُ: مَنْ أنتَ؟
فخرًا أشيرُ إلى الموكبِ
فإنّي ومنذُ نعومةِ وَعْيِي
يُثقّفني حزنُ آلِ النبي
وقبلَ اشتدادِ أضالعِ صدري
يدايَ مِنَ اللّطمِ لم تتعبِ
وعينايَ مِنْ صغري تلبِسانِ السوادَ
حدادًا على كوكبِ
وهذي الشرايينُ ليستْ شرايينَ
لكنّها طرقاتُ السَّبِي
إلى سدرةِ الصّرخاتِ، عَرَجْتُ
مِنَ الطّفِّ مِنْ تلِّهِ الزينبي
إلى صرخةِ (الحرِّ) بالروحِ:
إياكِ غيرَ الحقيقةِ أن تطلبي
وعابسَ بالقلبِ: إيّاكَ مِنْ
هوًى لم يُجَنَّ ولم يُصلَبِ
وزينبَ بالرّوحِ: دربُ الكمالِ
تسيرُ مِنَ الصّعبِ للأصعبِ
وكفّانِ واكفتانِ أرَقُّ
مِنَ الماءِ جريًا بعينَيْ ظبي
أبا الفضلِ يا خطبةَ المتّقينِ
ومصحفَ فاطمةَ المُعْجِبِ
ويا سيفَ حيدرَ
يصرعُ عَمْرَو بْنَ ودّ ويقضي على مرحَبِ
يذوبُ الرضيعِ بحضنِ الحسينِ
كالشمسِ في راحةِ المغربِ
فيشربُ مِنْ شفتيهِ الرّضا
كما يشربُ النخلُ مِنْ يثربِ
عزائيَ خيطٌ
ودمعي أًخرِّزُه سُبْحَةً بيدَيْ زينبِ
فَمَنْ مُشبهٌ صبرَها حينَ كانَتْ تنادي
رقيّةُ: أينَ أبي؟
وحين تُمزِّقُ ثوبَ العفافِ
ثعالبُ مَسمومةُ الأنيُبِ
إلهيَ هذي دموعيَ قرابينُ
مِنْ عهدِ هابيلَ بي
إذا ما الشهيدُ أبى
قيلَ عنهُ: "أَبيٌّ"
وعنهُ أقولُ: أبي
سأنسبُ نفسي إلى كلِّ ظامٍ
سوى زمزمِ الرّفضِ
لم يشربِ