مُنْذُ ارتجَاهُ عَلى أيّامِهِ الظّمَأُ=وَكانَ جُرْفُ حَنِينِ النّهرِ يَهتَرِئُ لم يَلقَ شيئًا سوى أقصَى مُروءَتِهِ=فَراحَ مِنْ حَائِهِ للكونِ يَبتدِئُ يَفيضُ في الوَقتِ وَقتًا ثمّ ينسفُهُ=كأنّما مِنهُ مَعنى الوَقتِ يَجتزِئُ في ضِفّتيهِ صَوابٌ، بَاتَ يُرهقُهُ=مُذ أبصرَ الأمرَ بَوحًا حَفّهُ الخطأُ فَراحَ يَروي ترابَ الطفِّ مِنْ دَمِهِ=كأنّهُ سيلُ كونٍ وَالثّرى سَبَأُ سِفرُ الإباءِ تَسَامى مِنْ طفولَتِهِ=فكيفَ يَنكرُ أدنى ضوئِهِ المَلأُ؟ كلُّ الأماكنِ رَوّتْها كهولَتُهُ=فَصارَ يَنزِفُ حبًّا حيثُما يَطَأُ لَم يعزِفِ الرَعدُ ألحانًا على فَمِهِ=بَل كانَ يذوي حَياءً ثمّ يختبِئُ والبرقُ لم يستمعْ إلا لنغمَتِهِ=فإنْ تطلّعَ في عَيْنَيْهِ ينكَفِئُ يزخرفُ الضَّوءُ ضوءُا أو يلوِّنُهُ=فكيفَ للضّوءِ في عَيْنَيْهِ يَنْطَفِئُ فَهلْ تخَيَّلٍتَ سَيلًا حَفّهُ عَطَشٌ=وَالكربَلاءاتُ في عَيْنَيْهِ تَلتجِئُ؟ أم هَل تخيَّلْتَ معنى المَجْدِ في قَلقٍ=وَالمُستَحيلُ عَلَى كَفَّيهِ يَتَّكِئُ؟ فالنصرُ والصبرُ والأخلاقُ قَدْ نَظَرَتْ=في راحَتَيْهِ سَحَابًا رَامَهُ الكَلأُ لا تَحتَويهِ لغَاتٌ رَغمَ كَثرَتِها=وَكيفَ تَحويهِ وهوَ البَاءُ والنّبَأُ؟ لِذَا اصْطَفَتهُ الرُّؤَى عُنْوانَ ثَورتِهَا=فكلُّ قلبِ محبٍّ فيهِ يَمتَلِئُ