انْتَظَرْتُ العَبَّاسَ عِنْدَ شَطِّ رَمشِي.. يَسْقِي قُرْبَتِي المُنفَجّةَ بِخُطَاهُ..
كَانَتْ ذَرَّاتُ التُّرَبِ بَاكِيَةً.. دَعَتِ الباري أَنْ تَكُونَ زاكيةً.. وَبَلَّلَتِ المَدَى..
لَيْتَنِي أحْمِلُ دَرْسَ الوَفَاءِ..
أَذَّنَتِ السَّمَاوَاتُ لَهَا، وَانْطَلَقَ السَّهْمُ لِيَنْهَمِرَ دَمْعُ القِرْبَةِ..
ارْتَوَتِ الخُطُوَاتُ مِنْ نَمِيرِ العَبَّاسِ.. لَوَّنَتِ الفَضَاءَ بِفُنُونِ الكَفَّيْنِ..
وَهَامَتْ وَالِهَةً..
لَلُقْيَاكَ يَا أَبَا الرِوَّى اسْقِنِي وِصَالاً..
تَعَالَ لِعناقِ صَدْرِي بِدِمَاكَ..
بِعَيْنِ السَّهْمِ الْتَقَتْهُ السَّمَاءُ.. جَلَبَتِ القِرْبَةُ عَارَ الفِرَاقِ..
فَقْدَ المَاءِ..
فَلِتَرْحَلْ العَيْنُ.. وَهَلْ غَادَرَتِ الكَفَّيْنِ!.
حِينَ أملَتْكَ "العُقْرُ" أَخْلَصْتَ وَاهِبًا كَلَتَا اليَدَيْنِ..
عَلَى مَتْنَيْكَ بَكَى الحُسَيْنُ.. بِكَفَّيْهِ العَنَاءُ لَيْسَ عِنْدَهُ لِوَاءٌ..
وَانْحَنَى لِتَنْقَلِبَ الثُّرَيَّا بِالثَّرَى..
تُحَيِّي الفِدَاءَ لِعَيْنَيْكَ سُجُودٌ.. لِصُدَرِيَ جُمُودٌ..
لأنتَ صِرَاطٌ.. يُثِيبُ الهَوَاءَ
أَعُودُ للَحْنِي.. أُعِدُّ العَزَاءَ.. وَأَطْوِي بِسَاطَ كَرْبَلَاءَ
بِلَا كَرْبٍ وُجُودُكَ ثَمَرُ البَقَاءِ..
..
تَكَرَّرَ المَشْهَدُ فِي "نَينَوى"
بِتَفَاصِيلِ الإيواءِ؛ لِتُخَرِّجَ الإِبَاءَ..
لَا شَيْءَ كَشَمْسِ عَاشُوراءَ
صَرِيرٌ بِزَئِيرٍ صَكَّ الأسمَّاعَ..
يُوَجِّهُنِي؛ كيما تَبْتَلِعَنِي الآهُ السَّوْدَاءُ..
عِنْدَ النَّجْدَيْنِ انْحَزْتُ هُنَاكَ.. وَزَيْنَبُ تَسْجُدُ وِتْرَ الحَيَاةِ..
الشَّفْعُ حُسَيْنٌ وَنَحَرُهُ..
كَان بُؤْرَةَ رِئَتَيْ الضَّوْءِ؛ لِيَعْبُرَهَا حَقٌّ دُونَمَا قَهْرٍ..
لَوَّنَهَا تَسْبِيحٌ، يَحُولُ لَا قَفْرٌ.. يَطْوِي العَتْمَةَ بِبَرِيقِ النَّصْرِ..
نَفَى أُخْطُبُوطَ المَوْتِ، لَا يُبْصِرُ عَوَالِمَهُ..
وَعَرَفَ الخُلُودُ وَطَنَهُ عُنْوَانًا..
..
مَا سَبَقَ دَمُ دَمْعٍ يَخْتَزِلُ!.
لِلتَّفَاصِيلِ أَعْتَكِفُ بِعَيْنَيْ زَيْنَبَ..
أَقُلْتَ: ذُبُولٌ؟ أَقُلْتَ: عَنَاءٌ؟
مَا دُكَّ الجَبَلُ الأَخْضَرُ! لَكِنْ جِسْمُهَا اِنْحَلَّ يَفْدِي..
وَمَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ، حَتَّى كَانَتْ غَيْمَتُهَا الحَوْرَاءَ..
لَا حَرَّ وَلَا ظَمَأً، إِلَّا ظَلَّلَتْهُ..
كَانَتْ تَخْتَزِنُ البُكَاءَ.. سِيرَةَ التَّقْوَى.. زَرَعَتِ الحِجَابَ..
تَمَثَّلَتْ قِنوانٌ لِعَلِيٍّ وَالزَّهْرَاءِ..
شَرَايِينُهَا بأَودَاجِ الرَّضِيعِ..
قَاسِمٌ وَالأَكْبَرُ، مُسْلِمٌ وَحَبِيبُ، العَبَّاسُ وَالحُسَيْنُ..
مَا هَدَأَتِ الحَمْحَمَةُ..
أَزِيزٌ وَبَوَاتِقُ.. صَئِيلٌ بِبَنَادِقَ.. سِيَاطٌ بِقَنَابِلَ..
لَكِنْ.. لَنْ تُسْبَى مَرَّتَيْنِ..
لَا يَنْفَطِرُ سَجَّادُنَا أُخْرَى..
إِنَّمَا الفِرَاقُ عَادٍ..
يَا قَلْبَ العَقِيلَةِ صَبْرًا.. بَلْ نَادَتْ مَهلًا؛ كيمَا يَبْقَى لِلحَسَنِ عِتَابٌ..
فَمَشْهَدِي يَتَوَسَّلُ قَبْرَهُ، بِصُورَةٍ مِنَ التَّخَلِّي وَالهِجْرَانِ..
لِأَضُمَّ ذَواتِكَ أَخِي، لَا يَنْزَوِي مَرْقَدُكَ مُنْهَدَّ الأَعْضَاءِ..
طَهُرْتُمْ، لكُم فِي كُلِّ مِصْرٍ شَاطِئٌ لِلتَّحْلِيقِ صَارَ..

Testing
عرض القصيدة