خُلقتُ من دمعةٍ والنّاسُ من طينِ=وفِطرتي الحزنُ، والآلامُ تكويني! وعُرسِيَ اللّطمُ لا رقصٌ، ولا طربٌ=وصوتُ نوحِيَ أنغامي .. وتلحيني وزينة النّاسِ أثوابٌ ملوّنةٌ=وأسودُ اللّونِ في الأثوابِ، تزيِيني! ومُقْلَتِي أدمَنَتْ فنَّ البكاءِ؛ لذا=تفيضُ بالدّمعِ بينَ الحينِ والحينِ أنا الطّفوفيُّ أحتاجُ البكاءَ لكيْ=أحيى، كما الخلقُ محتاجٌ إلى العِينِ! أعيشُ يسكنُ هذا السّهمُ في عُنُقي=وأسلكُ العمرَ مطعونًا بسكّينِ فَقِبلتي خيمةٌ، والنّارُ تُحْرِقُها=وصبرُ زينبَ صارَ الرّكنَ في ديني إذا عَطِشتُ وجفَّ الماءُ في جَسَدي=فقِربةٌ في يدِ العبّاسِ تسقيني صدري عليلٌ، فخلّوا السّيفَ يطعنُهُ=فطعنةٌ في حنايا الصّدرِ تشفيني وأهزمُ الموتَ لوْ قطّعتُمُ بدني=ووطأةُ الخيلِ إنْ داستْهُ تُحيِيني! أَجِنَّنِي العشقُ، لكنْ صِرْتُ أعقلُهُ=فسجِّلِ اسْمِي على لَوْحِ المجانينِ ولوحةُ الطّفِّ في أعضايَ لوّنَها=فيضُ الدِّماءِ بنحري .. أيَّ تلوينِ! خريطتي نَيْنَوى، والطّفُّ بوصلتي=وكربلاءُ إذا ما ضِعْتُ تهديني أنا الّذي أخمَدُوا جمري، فقلتُ لهم:="لا ينطفي الجمرُ في قلبِ البراكينِ!" وُلِدْتُ أبكي، وأمِّي أمسَكَتْ بِيَدِي=فقلتُ: "يا أمُّ .. باسمِ السِّبطِ سمِّينِي" كبُرْتُ والحلمُ أنْ أفدي الحسينَ كما=فداهُ مَنْ جدَّدُوا بدرًا، بصفّينِ قُتِلْتُ، وابْيَضَّ وَجْهِي حينما قبلتْ=أمّي لفاطمةَ الزّهراءَ تُهْدِيني سكَنْتَ فيَّ، فَبَيْتٌ أنتَ تسكنُنِي=وكيفَ أهجرُ بيتًا ساكنًا فيني؟ ستشهدُ العينُ أنّي عِشْتُ منتحبًا=ودمعتي مِنْ عذابِ النّارِ تُنْجِيني بلغتُ عشرينَ عامًا لمْ تَزَلْ بدمي=تجري، وما غيرُ عاشورٍ بعشريني! غدًا إذا متُّ فاسْمَعْ صوتَ أمّنيتي:="يا تُربةَ الطَّفِّ جنبَ السِّبطِ ضُمِّينِي"