يا لاحتراقِ العطرِ
مُذْ ركضَ اليباسُ على فروعِ السوسنات
والأرضُ حُبلى بالصلاة
وحكايةٌ عَطشى تُفجِّرُها أخاديدُ الظّما..
ويكادُ ينتحرُ المدى
ما بينَ ليتَ وربّما..
فعلى صريرِ البَوحِ صمتٌ بالحقيقةِ هَمهَمَا
بالقيظِ تشتعلُ الدّماء
وبلحظةِ التدوينِ يحتدمُ البكاء
وتشقُّقاتُ الروحِ بحَّ بها النداء
يا للعطش!
مِنْ ألفِ جرفٍ والقصيدةُ كربلاء
مِنْ ألفِ جرحٍ والنبوءةُ كربلاء
والشمسُ تحرقُ كلَّ شيء
حتّى الطفولةُ والملامحُ والشفاه..
في لوحةٍ زيتيّةٍ صفراءَ يعرُوها الشُّحُوب
قَسَمَاتُها السّمراءُ في صمتٍ تذوب
حِممٌ كما التيهورِ تنذرُ بالحريق
حِممٌ تفور
والعينُ توشكُ أنْ تغور
ويمرُّ فيها الوقتُ مخذولاً ويعصفُ بالخيال
والحزنُ يعبثُ بالجمال
والمشهدُ القاسي كلامٌ لا يُقال..
يا للعطش!
جفَّتْ عروقُ القلبِ
والأوجاعُ تصرخُ في المكان
والوردُ يصفعُهُ الدُّخَان
والزنبقُ الذاوي بإثرِ البيلسان
تتهدّجُ الآهاتُ حشرجةً فتربِكُها احتمالاتُ السراب
وبخيمةِ الأطفالِ أفقٌ لا يرتِّقُهُ السّحاب
بمسافةٍ مذبوحةٍ ما بينَ زينبَ والرّباب..
طافَتْ فؤوسُ القحطِ فوقَ غصونِها والحلمُ ذاب..
والمهدُ أجدبَ
لم يَعُدْ يهدي الهلولو في خريفِ الانتحاب..
ولوردةٍ مثلِ الدّهانْ
مَنْ أرشدَ الصَبَّارَ يقطِفُها فينفرطُ الجُمَان؟
ولمنفذِ الضوءِ انبرى السّهمُ الأثيم
وتكسَّرَ الحلمُ النقيُّ مِنَ الوريدِ إلى الوريد
واغتال ملحُ الشوكِ عطرَ الجلّنار
سالَ الدَّمُ القاني لتنقشَهُ السّماء
بخريطةِ السّفرِ القديم
فليستَحِ الماءُ العقيم!
فليستَحِ الماءُ العقيم!

Testing
عرض القصيدة