مَنْ ذا يقولُكَ؟
أنتَ وحدَكَ تُلهِمُ الأشياءَ تمنحُها اخضرارَ الوعيِ
تُكسِبها انبلاجاتِ الجُمانْ
باصَرْتُ كُنهَكَ، رُمْتُ فيكَ توغّلاً
ضيّعتُني في لا نهاياتِ الذّهولِ وتِهْتُ ذرعًا
لم أجِدْ منّي سواكَ
وعَبرةٌ خَجلى، تلملمُها اعتذاراتُ الهوانْ
مَنْ أنتَ قُلْ لي
أيُّ قافيةٍ تليقُ بحزنِكَ المغروسِ في كبِدِ الزمانْ
أمْ أيُّ مفتاحٍ يدلُّ على مكامنِكَ الأبيّةِ في أنينِ الطفِّ
في شيبِ التصبُّر ِ
في يقينِ الزُهدِ أبّانَ الأذانْ
مَنْ ذا يقولُكَ؟
أنتَ قدّيسُ المروءةِ، سُلَّمُ المجدِ الأثيرِ
ومَنبعُ العطشِ المعطّرِ بالبِنانْ
يا أمنياتِ الماءِ في قلبِ الجداولِ والعيونِ وغايةَ الغيثِ المعلّقِ في السماءْ
ما همَّكَ الإرواءُ.. أنتَ البحرُ
والأمواجُ تقذفُها رماحُكَ والسِنانْ
كحّلتَ أحداقَ الفراتِ بنزفِكَ السيّالِ مِنْ أمْقِ البصيرةِ
فاستضاءَ الكونُ واعتنقَتْ مزاياكَ المكانْ
يا باعثَ الأجيالِ نحوَ نضوجِها
يا مبدأ اللهِ المطيّبِ بالعَناءِ وبابتلاءاتٍ تُربِّتُ فوقَها كفُّ الجِنانْ
يا لحنَ صمتِ الخاشعينَ
ومنهلَ الآياتِ
يا طُهرًا يموسقُهُ البيانْ
مَنْ ذا يقولُكَ؟
كم تمادى العجزُ في إعرابِ جوهرِكَ المُبلّلِ بانتماءاتِ النّدى
لرفيفِ جفنِ البيلسانْ
كنتَ البنفسجةَ الوحيدةَ في بيادي الجهلِ
باشرْتَ الخلودَ
صنعْتَ مِنْ طينِ الخطيئةِ صولجانْ
كنتَ الصنوبرةَ الشديدةَ شامخًا ك الطّودِ
تلتحفُ انثيالاتِ العَنانْ
وتركتَ للأحقادِ قومًا واكَبُوا قلقَ الذّبولِ
وأشعَلُوا بالحيفِ مزرعةَ الهزيمةِ، بعثَرُوا الدّنيا بأكوامِ الدُّخَانْ
جاؤوكَ مِنْ أوجِ الضغينةِ
والسراطُ أمامَهمْ وإمامُهُمْ
لم يفقهوا فنَّ المسيرِ وأوكَلُوا التفكيرَ للتكفيرِ
هامُوا بالنعاسِ مواسمًا محشوّةً بالحُمْقِ
والتأريخُ شاهدُها العِيانْ
هم غادَرُوا أرضَ الضميرِ وطرَّزُوا بالغدرِ أسمالَ الزّعامةِ
واحتَفَوا بظنونِهِمْ
والملحُ في قاعِ الحكايةِ ماتَ مقتولَ المذاقْ
وبقيتَ أنتَ
ورأسُكَ المبتورُ في عينِ الكرامةِ تلمعانْ
همْ فتيةٌ ما آمنوا
أو آمنوا بغوايةِ الشيطانِ واشتَرَوْا الضَّلالةَ بالهُدَى
هانَتْ عليهِم عِترةُ المختارِ يا ويحي
ويا ويحَ القصيدةِ والبَنانْ