يا غيومَ السّمَا البَسِينِي رداءَ = وخُذِيني إلى الطّفوفِ شتاءَ وإذا ما بلغْتِ قَبرَ حسينٍ = فاذرِفي الدمعَ واهطِلينيَ ماءَ واترُكِيني على الترابِ لعلّي = بي أُروّي تلكَ الشِّفاهَ الظِّماءَ أُنثُريني فوقَ الضّريحِ ورودًا = وانطُقيني قصيدةً عصماءَ إنّ في داخلِ الضريحِ إمامًا = ذكرُهُ الشّمسُ؛ فهوَ يأبى انطفاءَ هرِمَ الدهرُ والحسينُ فتيٌّ = وهْوَ يزدادُ كلَّ يومٍ بقاءَ قد خَبِرْنا الزمانَ منذُ وُلِدْنا = ما رأيناهُ يُهلِكُ العُظَماءَ إنّما الموتُ في البريّةِ سيفٌ = يقتلُ الكلَّ ما عدا الشهداءَ يا مريرًا ما أرهبتْهُ المنايا = وغيورًا لم يألفِ الإغضاءَ مُذْ رأى دينَ جدِّهِ مستباحًا = ويزيدًا يُذبِّحُ الأنبياءَ رفعَ الصوتَ يا أميّةُ يكفيكِ = على حُرمةِ السَّمَاءِ اعتداءَ وتصدّى… وآزرتْهُ رجالٌ = وزَنوا الكونَ نُصرةً ووفاءَ وأعادوا البناءَ وهْوَ خرابٌ = يومَ أهدَوا للمُرهفَاتِ الدّماءَ يا كريمًا أعطى الشريعةَ حتّى = خاطبتْهُ: حسبي شبِعْتُ عطاءَ بأبي مَنْ ضحّى بكلِّ صغيرٍ = وكبيرٍ، وما توخّى جزاءَ ما هوى جسمُهُ على الأرضِ إلا = ليُشيعَ التُّقى ويُرضي السّماءَ وهبَ اللهَ إِخوةً ورضيعًا = وكهولاً وفِتْيَةً ونساءَ منحَ العمرَ للخلودِ، وأهدى = لثرى الطفِّ جسمَهُ أشلاءَ ولجَوْعى حوافرِ الخيلِ صدرًا = بينَ جنبيهِ يحتوي أشياءَ ذبحَ النحرَ عندما أبصرَ الحقَّ = عطيشاً، فبلّلَ الصّحراءَ ورَوَى الدِّينَ مِنْ دِمَاهُ، فأحياهُ = ولولاهُ جرّعوهُ الفَنَاءَ سيّدي إنّ مَنْ يموتُ شهيدًا = لستُ أدري، هل يستحقُّ البُكاءَ؟ وأنا حِرْتُ فيكَ، هلْ أكْبِتُ الحزنَ = بصدري تجلُّدًا وعزاءَ؟ أم أنادي: يا مُعْصِرَاتيَ صُبّي = وبِخَدَّيَّ اقلُبي الربيعَ شتاءَ؟ سيّدي إنّ لي فؤادًا ضعيفًا = ورجائي أنْ ترحمَ الضُّعفاءَ قد تربّى على هواكَ صغيرًا = وتغذّى مِنْ والديهِ ولاءَ هوَ في لُجّةِ الحياةِ غريقٌ = وهْوَ يدعوك، لا تردَّ الدُّعاءَ فانتشِلْهُ مِنْ غيهبِ الجُبِّ واكشِفْ = عنهُ يا سيّدي الأذى والبلاءَ سيّدي، لا تمِلْ بوجهِكَ عنّي = إنَّ لي فيكَ يا إمامي رجاءَ بلَغَتْ روحيَ التّراقي، وما أَمْ = لِكُ إلاَ صحيفتي السّوداءَ لكَ عندَ الباري مقامٌ عظيمٌ = فاطلُبِ العفوَ عَنْ عُبيدٍ أساءَ فأنا أنتمِي إليكَ بحبّي = هل تُراعي لي ذلكَ الإنتماءَ؟ لا تُخيّبْ ظنّي بجودِكَ، حاشا = كَ إمامي أنْ تطردَ الفقراءَ أنتَ تُعطي المحتاجَ دونَ شفيعٍ = حينَ يأتي، وتُكثِرُ الإعطاءَ كيفَ لو قدّمَ النبيَّ شفيعًا = وعليًّا وأمَّكَ الزهراءَ؟!

Testing
عرض القصيدة