مِنْ سورةِ العبّاسِ إقرأْ ما الوفا=كي تعلمَ القمرَ المنيرَ لِمَ انطفى؟!! بسمِ الذي خلقَ الوفا مِنْ كفِّهِ=عبّاسَ أقرأُ، لستُ أتلو يوسُفا اللهُ أنزلَهُ كتابًا مُحْكَمًا=عينٌ وبأسٌ فيهِ شعَّتْ أحرُفا فَلَتلكَ آياتُ الكتابِ مُبِينةً=يتلو الكفيلُ بها عَلَيْنَا موقِفا نهرٌ تجارى في الطّفوفِ بجودِهِ=همَّ الفراتُ لضفّتيهِ لِيَغرِفا قمرٌ تنزّلَ فوقَ تربةِ كربلا=فكأنَّ بدرَ الليلِ صبحًا قد غفا اللهُ أنزَلَهُ يقصُّ وفاءَهُ=حتّى الفناءُ مَعَ الوجودِ لهُ هفا إذْ قالَ عبّاسُ المُطهَّرُ: يا أبي=حُلْمًا رأيتُ لعلَّ تأويلًا شفا فوقَ الثلاثينَ الألوفَ رأيتُها=دارَتْ على جسدِ الحسينِ لِتزحفا ورأيتُني لحسينِ أسجدُ طائِعًا=لا يعرفُ الحرُّ العزيزُ تكلُّفا قالَ الوصيُّ: بُنيَّ فاعلمْ إنّني=أخشى مكيدتَهم وقلبيَ أرجَفا لقَدِ اجتباكَ اللهُ جلَّ جلالُهُ=وهُوَ العليمُ بما تبيّنَ أو خفى فأتمَّ نعمتَهُ وأبصرَ همَّنا=وبكَ الإلهُ قضى لهُ أنْ يُكشَفا فدعاهُ أرخِصْني فأحفظُ سيّدي=وأصونُ زينبَ خدمةً وتَشرُّفا قالَ الوصيُّ وقد تماطرَ حُزنُهُ=ورأى العِجافَ العشْرَ تركبُ أعْجَفا: إنّي ليَحْزُنُني الذهابُ، أخافُ أنْ=تعدو الذئابُ عليكَ حتّى تُتْلَفَا ويمرَّ واردُهُمْ فيُدلي سيفَهُ=بالنحْرِ، (يا بُشرى) يصيحُ مُشَنَّفا إذْ قالَ شِمْرٌ: مَنْ أحَبُّ لقلبِهِ؟=قلبُ الحسينِ لِمَنْ تقطَّعَ مُرهَفا؟! لَأخوهُ عبّاسُ الكفيلُ أحبُّ إذْ=نادى على الدّنيا بمقتلِهِ العفا؟! فلْتقتُلُوا العبّاسَ يخلُ لجيشِكُمْ=وجهُ الحسينِ، وأتْبِعوهُ تأسُّفا وأشارَ مِنْهُمْ قائلٌ: أَلْقوا بهِ=بِغَيابةِ الطَّفِّ الأليمِ تَلطُّفا جاؤوا بقربتِهِ دمًا كذِبًا وَهُمْ=يبكُونَ والدمعُ الكذوبُ تَكَفْكَفا والحقُّ حصحصَ والظلامُ قَدِ انجلى=ومضى جفاءً ما استحالَ مُزيَّفا لم يغترفْ ماءً، ولكنْ (هيتَ لكْ)=باتَتْ تراودُهُ المياهُ مَعَ الصَّفا وعليهِ غلّقَتِ الفراتَ وقد رأى = برهانَ ربٍّ لاحَ بابنِ المصطفى فتوقّفَتْ كلُّ الحياةِ بكفِّهِ=لما رأتْهُ عَنِ الحياةِ توقّفا لمّا أحسَّ ببَرْدِها وزلالِها=وبمكرِها، ارتابَ العزيزُ فأوْجفا همَّتْ بهِ عشْقًا وهمَّ لشُرْبِها=لولا رأى البرهانَ راحَ لِيَرْشُفا حتّى إذا ما أمسكتْ بكفوفِهِ=بالحالِ دافَعَها وصاحَ بها كفى وهناكَ شطآنُ المدينةِ حدّثَتْ=والموجُ ردّدَ ما يُقالُ وأردَفا: إنَّ المياهَ غدَتْ تراودُ كفَّهُ= ضَلّتْ فكيفَ لها بِهِ أنْ تُشغَفا؟! ولقدْ أتاها مكرُهُنَّ فأرسَلْتْ=ولها أعدّتْ للمكيدةِ رَفرَفا ودعتْهُ هيّا اطْلعْ عليها بالدّجى=بدرًا، فأكبرْنَ الذي ما وُصِّفا وقطَعْنَ أيدٍ للكفيلِ لينحني=فدعا على كيْدِ الفراتِ لِيُصْرَفا قالتْ فذلكَ مَن أُلامُ بعِشقِهِ=والليلُ يُظلمُ لو بهِ القمرُ اختفى قسَمًا لَيَتْبعُهُ الصِّراطُ إذا مشى=حقُّ الصِّراطِ بدربِهِ أنْ يُحرَفا قالتْ لئنْ لمْ يأتمِرْ بأوامري=بالموتِ قد حَكَمَ الزمانُ فأنْصَفا فأشاحَ عنها زاهدًا، ووفاؤُهُ= يدعو معاذَ اللهِ أنْ أتَزلَّفا مثوايَ أكرمَهُ الحسينُ بلطفِهِ=وأنا وربّيَ لستُ أتبعُ زُخْرُفا فقضى القضاءُ بقتلِهِ وبذبحِهِ=والظلمُ بالغَ في العداءِ وأَسْرَفا وعلى رماحِ الغدرِ لوّحَ رأسُهُ=حمَلوا على رأسِ الأسِنَّةِ مُصْحَفَا هو مُصحفُ الكرّارِ باقٍ ذكرُهُ=مهما يُقطَّعُ لنْ تَراهُ مُحرَّفا فلنحنُ أنزلناهُ قالَ إلهُنا=والحافظونَ فإنّهُ لن يُخسَفا في قصّةِ العبّاسِ كانَتْ عِبرةٌ=والماءُ عكّرَهُ الوفاءُ فمَا صَفَا شهِدَ الوجودُ مَعَ الفناءِ بنُبْلِهِ=إنْ كانَ رأسُ البَدْرِ قُدَّ مِنَ القفا فهْيَ التي قد راوَدَتْهُ وماؤُها=فاستعصمَ العبّاسُ، حينَ تعفَّفا لمّا رأى نحرَ الكفيلِ بسيفِهِمْ=قَدْ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ، وحُزَّ لِيَنْزُفا قالَ الزّمانُ فإنّهُ مِنْ كيدِهِمْ=ففؤادُهُمْ بالفضلِ هَمَّ وما اشتفى! لم يقطعوا رأسًا وشبَّهْنا لَهُمْ=فالبدرُ حلّقَ للسماءِ ورَفرفا لمّا رأى شمسَ الحسينِ تلألأَتْ=تركَ الفراتَ، ونورَ سيِّدِهِ اقتفى!!

Testing
عرض القصيدة