مُنقادةٌ للضّوءِ، حلمُ فراشَةٍ
ترتادُ أروقةَ السّماءِ يَداها

حتّى تذوبَ، فلا ربيعَ يَحُوكُها
نسجَ الخلودِ، ولا الزهورُ تَراها

منقادةٌ للّازمانِ أدقُّ نبضَ الوقتِ، والدقّاتُ لا تتناهى

بي لسعةٌ بيضاءُ سكّرُها تمَطّقَهُ اللّقا فتلذَّذَتْ شَفَتاها

عن لا حكايَا المتعَبِينَ أجرُّ ذيلَ النورِ ، خُذْني كي أُعيدَ سَناها

حلُمٌ شهيُّ اللّونِ، يرسمُ لوحةً
ورديّةً في ذاتِها تتماهى

تتشكّلُ النّجماتُ، تلعبُ بالنّهارِ، يعانقُ اللّيلَ الرّقيقَ ضياهَا

كَي ما يَنامَ الفجرُ في صدرِ النّدى
مستأنِسًا طِفلًا يذوقُ رَواها

وتُراقِصُ الأوتارُ نايًا ملهَمًا
والحُبُّ يرضعُ مِنْ رحيقِ شذاها

يا زهرَةً مِن جنّةٍ نزلَت على الأرواحِ حتّى أُثْمِلَت رئتاها

يا نفحةً مِنْ ياسَمينٍ، يا نذورَ الحبِّ، يا (شمسَ) الهوى (وضُحاها)

دورُي على وجَعِ الغيابِ، هَبي الرُّؤى
خيطًا جديدًا فالنّوى (غشّاها)

عَنْ أيِّ خُلدٍ تبحثينَ فهذهِ الآفاقُ قد داخَتَ و(مال رِداها)

عَنْ أيِّ قافيةٍ تُدَحْرِجُ حبرَها الكلماتُ حيثُ الصّمتُ ما أغناها

لوّحتُ للأحلامِ ذاتَ حِكايةٍ
وأعَرْتُ ناصيَتي إلى يمناها

وطرَقْتُ بابَ اللهِ، هَبْنِي نظرَةً
لسَماكَ علّي في السّماءِ أراها

هيَ جاوزَت حدّ الحقيقةِ، أعجَزَتْ
ثغرَ المجازِ، إذِ الإلهُ حَكاها

دَعني أجزُّ الضوءَ، أحرثُ غيمةَ اللّقيا وأنثرُ أحرُفي بعُلاها

هبطَتْ مِنَ الفردوسِ، تفصيلًا لقصّةِ عاشقٍ نثرَ الدّما لِلِقَاها

ركبٌ يسيرُ على السّماءِ وحسبُها
أنّ السماءَ تحطُّ في صَحْرَاها

وتوسّدَ التّربَ المورّدَ بالجراحِ فعانَقَتْهُ مضرّجًا بثراها

تُحني عليهِ نسيمَها، وتمدُّ كَفَّيها إليهِ، فدَمُّهُ حِنّاها

مِنْ آخرِ البسماتِ، زينبَ والحُسينِ، وآخرِ الكلماتِ في أفياها

مِنْ طفلةٍ عَطْشى، تجرُّ ذيولَها
طلَبَ السّقاءِ، وقائدٍ يرعاها

ورضيعٍ احتضنَ السّهامَ يظنُّها
أمًّا، يعانقُها ويفتحُ فاها

ومشى الحُسينُ فأمسكَتْ أذيالَهُ
خوفَ الرّحيلِ وأُسْبِلَتْ عيناها

قد كانَ يحرثُ جنّةً أخرى ويزرعُ من شذى أشلائهِ أنحاها

ويرشُّها بالوردِ، إنَّ دماءَهُ
عبَقٌ يسيلُ معطّرًا أفلاها

ظامٍ تبلِّلهُ السيوفُ فيملأُ القِرباتِ خُلدًا كي يبلَّ حشاها

وهوى وأسرابُ الملائكِ حولَهُ
تبكي وتنعى للبتولِ فتاها

والحُزنُ شدَّ الحزنَ، والدّمعُ انهمى
والآهُ جاورَ بالنحيبِ الآهَ

فتساقَطَتْ سورًا عليهِ تضمُّهُ
إذْ همَّ كي يطأَ السّما (أشقاها)

كانَت ترتّلُ آيةَ الخُلدِ التي مُذْ قبَّلتْ خَطْوَ الحسينِ تلاها

والنهرُ يركضُ خلفَها فأصابَهُ
سهمٌ وماتَ على ضفافِ أساها

هل ثَمّ ضوءٌ ما توقَّفَ عندَها
صلّى وذابَ على حدودِ سناها

أم ثَمَّ طهرٌ ما استراحَ بفيئِها
وانسابَ ظلّاً في خيامِ نِساها

أم ثمّ وحيٌ ما توضّأَ مِنْ ملامحِها وباسمِ حسينِها حيّاها

هيَ كربلاءُ عروجُ أملاكٍ وغيبُ نبوءةٍ أخرى فما أسماها !

Testing
عرض القصيدة