مَشَيْتُ معكْ...
لأنّي عرفتُ بأنَّ الطريقَ أمامَكَ محتشدٌ بالمنايا
ولمْ يكُ غيريَ مِنْ أحدٍ
يستطيعُ... إذا حانَ موتُكَ
أنْ يرفعَكْ
توزّعَ جمعُكَ فوقَ المطايا
وما جزعتْ ناقةُ الصّبرِ مِنْ زجْرِ صاحبِها
وهْوَ يستلُّ مِنْ صوتهِ نبرةَ النّصرِ
حتّى يهدّدَ قافلةَ الحُرِّ
يحدو بها...
لطريقٍ حياديّةٍ
والأعادي تعدُّ إلى الخيلِ موطِئَها
هل شعرتَ بخيلِكَ؟
وهْيَ تتابعُ مشْيَكَ للموتِ
دونَ اكتراثٍ لطولِ الطّريقِ
وحينَ أحسّتْ بثقلِ الضّحيّةِ في وَطْئِها
وَقَفَتْ...
لتمدَّكَ بالأرضِ، والحربِ،
والجسدِ المتهيّئِ للرضِّ تحتَ حوافرِها
نينوى...
يُقالُ لها: الغاضريّةُ.
تسألُ عنْ غيرهِ،
فيُقالُ لها: كربلاءُ.
كأنَّ البلاءَ الذي قدْ تركناهُ للحُرِّ مِنْ جهةِ الكوفةِ
الآنَ مِنْ جهةِ ابنِ زيادٍ/ وأعوانِهِ
تبعَكْ
شعَرْتَ بها...
ولذلكَ صِحْتَ بصحبِكَ: حُطُّوا عليها.
وفيها جعلتَ ضلوعَكَ مُشْرعةً
للمحبّينَ/
والمعتدينَ...
وتفصلُ بينهُما خيمةٌ واحدة
إنّها فرصةُ الحُرِّ في رفْع تلكَ الطّريقِ الحيّاديةِ الانتماءِ
على الأعمدة
وإطفاءِ نارِ العدوِّ
التي سوفَ تُضرَمُ في مخدعِكْ
فكانَ معَكْ...
وهْوَ يُكمِلُ مَشْيَكَ للموتِ
بالانشقاقِ طواعيةً عنْ صفوفِ ابنِ سعدٍ
فهذهِ دعواكَ في القومِ/ دافعُهُ للنّزالِ
فإمّا قتيلاً يقاومُ
أو عائدًا مِنْ منيّتهِ... يشهرُ النّصرَ في وجهِ قاتلِهِ
فيخافُ،
ويرغبُ أنْ يستردَّ بهِ مِنْ جراحِ الضحيّةِ طعنتَهُ
عبثًا...
فجراحُ الضحيّةِ تحملُ طعنةَ قاتلِها فوقَ رمحِ الظلّيمةِ
ثمّ تدورُ بهِ حولَ ماءِ الفراتِ
وتنصبُهُ... قربَ ضفّتِهِ،
ليُخيفَ الذي حالَ بينَ الفراتِ وبينَكَ
... كيف تُراهُ استطاعَ
عنِ الماءِ
أنْ يمنعَك!
فكانَ معَك
ولكنّكَ الآنَ وحدَكَ
تستصرخُ القومَ مِنْ أجلِ سُقيا الرّضيعِ
فيختلفُ القومُ فيهِ
إلى أنْ يُصابَ بسهمٍ
فيلقمُهُ – فوقَ صدرِكَ ثديَ المنونِ
الذي درَّ، عندئذٍ، بدماءِ وريدَيْهِ
فأستأذنُ اللهَ ثانيةً
عندَما أسمعَك
كدتُ أنزعُ روحَكَ منهُ
ولكنّها هربتْ للرّبابِ
لتنموَ في مهدهِ... قربَها
فبقينا نحدّقُ في بعضِنا...
كنتَ تنصحُني بالتعجّلِ،
كنتُ هنالكَ أنتظرُ الشّمرَ يُبدي شجاعتَهُ في مواجهةِ الوحيِ
حزًّا لرأسِكَ
كي أنتهي مِنْ مَهَامِي
وأمضي سريعًا، ومبتعدًا...
خجلاً مِنْ مواجهةِ السّيداتِ اللّواتي
أتينَ
إلى مصرعِك