أُكثِّفُ حُبِّيْ فتبدأُ فيَّ العواصفُ ها تلكَ أشرعةُ العابرينَ تجرُّ السفينةَ نحوَ الهُيَام لماذا تسيرُ القوافلُ عكسَ الشموسِ وتختبئُ الأمنياتُ بجَيْبِ الظِّلالِ وتسقطُ كلُّ الطفولاتِ مِنْ حَبْلِ أرجوحةٍ في الحديقةِ لمَّا تفتَّحَ نحْرُ الرضيعِ بريحِ السهام *** رموشُ الحقيقةِ أطولُ مِنْ خَصَلاتِ الفراتِ وثمةَ موتٌ خفيٌّ يناجي اليتامى وقرعُ الحياةِ تضاءلَ لكنْ تنزَّلَ للطفلِ وحيٌ يُشابهُ صوتَ البتولِ ويزجي السلام *** تنامُ الطفوفُ على راحتَيْ زينبٍ حيثُ مدَّتْ عباءَتَهَا للصغارِ فِراشًا وطارَ الفَراشُ بنصفِ جناحٍ ليقصدَ جسمَ الحسينِ هُوَ الليلُ يحتضنُ الأمنياتِ العصيَّاتِ رغمَ اضطرابِ النجومِ انطفاءِ الكواكبِ بَعثرةِ الضوءِ فوقَ الترابِ احتضارِ البدورِ بِجوفِ الظلام هُوَ الليلُ آخرُ حاملُ سيفٍ بِجيشِ الحسينِ وآخرُ مَنْ ترتجيهِ النساءُ هُوَ الملفعُ الأسودُ المرتخي فوقَ أوجاعِ تلكَ الخيام *** أُكثِّفُ حُبِّيَ كي أبدأَ الهجرةَ الموسميّةَ نحوَ الطفوفِ أنا السربُ وحدي توزعتُ طيرًا فطيرًا فأجمعُ نفسي.. أُشتِّتُ نفسي "وأزحفُ.. أركضُ.. أرجفُ.. أمشي.. أصيحُ.. أنوحُ.. أبوحُ.." لأنّي أسيرُ وركبُ السبايا يسيرُ بصحراءِ وَجْدي سأشطبُ أطرافَ صحرايَ حتّى تصيرَ المسافةُ أقصرَ للتائهينَ المجدِّينَ في السيرِ نحوَ الختام *** هنالكَ خيطٌ يُلَمْلِمُ حباتِ عِقْدِ الفجيعةِ يمتدُّ مِنْ دمعِ زينبَ بعدَ الطفوفِ إلى قَتْلِ هابيلَ ذاتَ ضياعٍ إلى قَتْلِ حيدرَ ذاتَ سجودٍ إلى صَلْبِ عيسى يدورُ يدورُ إليَّ إليَّ إذا ما انتظمْتُ بِعِقْدِ الفجيعةِ ينقطعُ الخيطُ تنتثرُ اللؤلؤاتُ على صدمةٍ مِنْ رخام *** وعنديَ ظِلٌّ وَفِيٌّ يرافقني حيثُ تهربُ روحي فأمشي ويمشي وأركضُ.. يركضُ.. لكنْ وقفتُ ويمضي وظِلِّي يراوغُ نارَ الحياةِ ويمتدُّ نهرًا بوسْطِ الهجيرِ ويقصرُ حدَّ انغماسِ الجذورِ ويمتدُّ حدَّ اندلاعِ النخيلِ يغادرُني للسماءِ ويعلو ويهبطُ يحضنُ جسمَ الحسينِ وذلكَ طبعُ الغمام *** رذاذُ القداسةِ يهطلُ مِنْ سدرةِ المنتهى فوقَ تلكَ التلاعِ التي مازجَتْهَا دماءُ الكتابِ مِنَ الحوضِ جبريلُ يغرفُ غيثًا وينزلُ للأرضِ يروي الظَّمايا وفي عينهِ حمرةٌ مِنْ دماءِ الكفيلِ ندىً أحمرُ اللونِ يزهو على اللوحِ قدْ بَلْوَرَتْهُ دماءُ الرضيعِ رموشُ الحقيقةِ أطولُ مِنْ خَصَلاتِ الفراتِ ستخضرُّ كلُّ الأماني وتنمو البراعمُ تنمو على شفَراتِ الحسام *** ورافقتُ أُفْقَ الحسينِ لأمتدَّ بحرًا أُزخرفُ كلَّ المآسي عَلَيَّ كموجٍ أُشجِّرُ أفكاريَ البائساتِ غيومًا وأرفعُها بعدَ أنْ جفَّ منها الكلام سيبحرُ فوقي هوى الأغنياءِ وحلْمُ الفقارى وآمالُ كلِّ المساكينِ والفاقداتِ أُكثِّفُ حبِّي فتبدأُ فِيَّ العواصفُ.. لا شيءَ لا شيءَ يبقى سوى.. ذكرياتِ الحطام *** كما يرشحُ الماءُ مِنْ ثَغَرَاتِ الكفوفِ التي مدَّها اللهُ للنشأتينِ هناكَ على الرملِ يرشحُ فيضُ الحسينِ ومُذْ بعثَرُوهُ على الرملِ شلوًا فشلوًا تبعْثَرَتِ الآيُ إذ كانَ كُنْهُ الحسينِ يُنَسِّقُ وَحْيَ الإلهِ فَمَنْ بَعْدَهُ يجمعُ الذكرَ فِي الدفّتينِ؟ سينهضُ رغمَ المماتِ حسينٌ ويبني السماواتِ فوقَ الركام