الدهشةُ تسيرُ الآنَ عاريةَ القدَمينِ
تتوسّلُ المسافاتِ بأنْ لا تنتهي
تمتدُّ بامتدادِ المسافةِ الغيبيةِ التي تتهجَّأُ امتدادَها الكونيَّ المهيبَ

الدهشةُ في المهبِّ
تخيطُ فستانًا أخضرَ للصحراءِ
تغزلُ حُلمًا أبيضَ للغيمِ
تسرِّحُ شعرَ الرملِ ..
تحصدُ سنابلَ الوقتِ في موسمِ جنايةِ الحُبِّ
تلوِّنُ أهدابَ السماءِ بألوانِ الطّفِّ !
نَعَمْ ... الطفُّ !
هكذا الدهشةُ تختارُ أنْ تشطبَ حرفَ الياءِ مِنْ مفردةٍ لونيّةٍ للضوءِ!
الدهشةُ تنتصبُ الآنَ شامخةً كفزّاعةٍ تُخيفُ قلبَ الموتِ في حقولِ معشوشبةٍ بالحنينِ الذي لا ينفدُ
الدهشةُ مفردةٌ أخرى للذاتِ وهيَ تجلدُ ظهرَها بسياطِ النكرانِ والفناءِ!
الدهشةُ ساعةٌ رمليّةٌ ما زالت تَعدُّ حبيباتِها الأولى اللامتناهيةَ في طقوسِ الوقتِ!
الدهشةُ رغبةُ طفلٍ وحكمةُ فيلسوفٍ
الدهشة شهقةُ أمٍّ ترى طفلَها ينجو مِنَ الموتِ!
الدهشةُ هكذا ترغبُ أنْ تكونَ فاتنةً زاخرةً بالمكتشفاتِ ...
الدهشةُ لا وعيٌ يذهبُ دفعةً واحدةً نحوَ حُلُمٍ يرى اللهَ يفرشُ مائدةً على ذراع ِالسماءِ
ويبتسمُ على أطرافِ الكونِ !!
...
...
...
الدهشةُ مُذْ كانَتْ وكانَ الطرمّاحُ ... !
يمرُّ على شهقةِ الوقتِ
يفتحُ حلمَ الدروبِ إلى الطفِّ
ينسى بأنَّ الطريقَ إلى الطفِّ عُليا
وأنَّ الجهاتِ سرابيّةٌ في خُطَاه

يغنّي على هودجِ الموتِ
يسألُ أينَ يُرِيحُ الرّكابَ
وأسئلةُ الرملِ تسبقُهُ للمنايا
وكلُّ سؤالٍ يتيهُ على جسدِ الريحِ
يفتحُ خارطةً للسماء

تقولُ الروايةُ :
كانَ الطرمّاحُ يحفرُ في الريحِ دربَ الحقيقةِ
يعبرُ وجهَ الخرائطِ
والقلقُ المستبدُّ يساورُهُ
كيفَ يسلكُ دربًا تشيّأهُ اللهُ ؟!
كلُّ الدروبِ إلى اللهِ عُليا
وأنَّ اليقينَ الذي يذهبُ العاشقونَ إليهِ
تسوِّرُهُ الأمنياتُ البعيدةُ

كانَ الطرمّاحُ
يتركُ أصواتَهُ في الطريقِ
كطفلٍ يراقبُ في الرملِ آثارَ خَطْوِ أبيهِ
لأنَّ الطريقَ إلى الموتِ كانَتْ متاهتَهُ المقفلة

ويخشى بأنْ يستبدَّ بهِ التيهُ
ينسى الدروبَ التي باعدَتْهُ
وفي غفلةِ الوقتِ
كانَتْ تراقبُهُ كربلاء

أضاعَتْ خطاهُ الصلاةَ
وكانَ يغنّي على ناقةِ العمرِ
ما كانَ يعلمُ أنَّ الحسينَ أقامَ الصلاةَ
على كتفِ الشمسِ
إنَّ الحسينَ صلاةُ الحقيقةِ
والناسكُ المتهجّدُ يطلبُهُ في الأذان

يذهبُ الشهداءُ إلى حُلْمِهِمْ
ويستفتحونَ المدى
رعشةً فوقَ جرحِ القوافلِ في الغيبِ
هُمْ يصعدونَ المنايا إلى اللهِ
في مدرجِ العاشقين

أفاقَ الطرّماحُ مِنْ غفوةِ الوقتِ
لم يدركِ الفتحَ
فاتَهُ أنَّ الصلاةَ طريقٌ إلى الخلدِ
فاتَهُ عشقٌ ترجَّلَ في ساحةِ الأنبياء!

Testing
عرض القصيدة