إجنَح بِقلبيِ قَد سَئِمتُ مَكاني=واعرُج بِروحي في مَدى أحزَانِي مَا زِلتُ أعزِفُ كُلّما طَرَقَ الهوَى=حُزني، لأَكسِر رِّقةَ الألحَانِ لكِنّهُ الحُزنُ المُقدّسُ هَا أنا=سِربٌ مِنَ الآهَاتِ والأشجَانِ لكِنّني مُنْذُ ابتدأتُ طُفولتي=وصدَاهُ يَشغَلُ حيَّزي وكيَانِي فإذا ارتبكتُ على الكلامِ وجَدتُهُ =نَغَمًا، يُرتِّبُ تَمتَماتِ لِسَانِي ورأيتُ أُمّي وهيَ تَعصِرُ دَمعَهَا=وتَرشُّهُ عِطرًا على قُمصَانِي وأبِي الذي مُنْذُ استوَيْتُ ولم يَزَلْ=يَبكي الحُسينَ بِلوعةِ الوجدَانِ لا تَعذِلوا حُزني عليهِ فإنّما:=حُزني عليهِ بلاغتي وبيَانِي حتّى إذا نَضَبَتْ مَدامِع أعيُني=آنَسْتُ تُربَتَهُ على أحضَانِي وقبَضْتُ مِنْ أثرِ الحُسينِ كرامةً=عُظمَى تَبُثُّ الضوءَ في الإنسَانِ يَنسابُ كالشَفقِ الرقَيقِ، كأنّهُ=جَمَعَ الشُّموسَ بِسَلَّةِ الألوَانِ ينَسابُ في قلبي كنَسمةِ عَاشقٍ=رمَقَ العَشيقَ بِطرفِهِ الفتَّانِ ما كُنتُ أرهَفُ مِن ضلوعِك إنّما=تَقسَو عليكَ طبائِعُ التِّحنَانِ يا سَيّدي فاسكُبْ دِمَاءَكَ في دَمي=كي يَستعيدَ مَسَارَهُ شِريَانِي شَجَري يَحِّنُ إلى مَعِينِكَ رَوِّنِي=عَطِشَ الفؤادُ تَكَّسَرَتْ أغصَانِي هَا أنتَ تَعلو فوقَ شَاهِقةِ القنَا=لِتَشُعَّ نورًا في مَدى الأزمَانِ هَا أنتَ تَبتكِرُ الخلودَ روايةً=كُبرى تَخُطُّ فصولَها بِتفَانِ هَا أنتَ تختصرُ الجمالَ بِلوحةٍ=زَيتيّةٍ رُسِمَتْ بِلا فنَّانِ والماءُ مُذْ حَيَّرتَهُ ونَبذْتَهُ =لم يَمتَثِلْ يَومًا إلى الطُّوفَانِ فاسرَحْ بِجُرحِكَ هَا هُنا التبَسَ السُّؤَا =لُ عَلى النِبالِ وقوسُها والجَانِي ما زِلتُ أبكي والدموعُ مَآتمي=رُدُّوا القَميصَ، مُصابُهُ أعمَانِي