أرِقٌ فطبِّبْني وهَبْني بلسمَكْ=ضوءًا مِنَ الحبِّ الذي آخى دمَكْ وافتحْ على مدنِ الجراحِ نوافذًا=لنرى على مسرى القداسةِ معلمَكْ هَبْنِي فكمْ حلمٍ تشرَّدَ في الهوى=مِنْ سربِ أشواقٍ يطارِحُ مأتمَكْ ويجيءُ يبتكرُ البكاءَ إلى الجفا=قلبًا وعَى سُقيا الخلودِ فأعظمَكْ تربو على ذكراكَ آيُ مدامعٍ=هطلَتْ لتوحيَ للعطاشى زمزمَكْ وجرارُ نهرٍ لم تزَلْ تشكو الظَّمَا=فملأتَها .. ذاتَ الوفاءِ تكلّمَكْ وفتحْتَ مِنْ قُرَبِ الفداءِ عوالمًا=يخضرُّ فيها كلُّ جرحٍ ألهمَكْ في كلِّ جرحٍ قربةٌ مملوءةٌ =باللهِ يورقُ مِنْ نَدَاها ما انهمَكْ وأراكَ نهرَ البذلِ تفترشُ السَّمَا=حلمًا وليلُ المتعبينَ توسَّمَكْ فحشدْتَ ماءَ الضوءِ تملَأُ غيمةً=أمطرْتَ منْها للحيارى أنجُمَكْ وسكنْتَ مخضَلًّا بكلِّ تدفُّقٍ=في مهجةِ الإرواء تبعَثُ بلسمَكْ مَنْ يا تراك .. نبيُّ ماءٍ خالدٍ=ظامٍ ويرتشفُ الزمانُ تَبَسُّمَكْ؟ تسلو ويفترعُ الفراتُ ضفافَهُ=مِنْ كلِّ فَجِّ للسقايةِ يَمَّمَكْ وأدارَ بوصلةَ الدّلاِء لقِبلةٍ=أثَّثْتَها عزًّا يحيطُ مخيَّمَكْ نبعًا سماويًّا .. ملامحُ طفلةٍ=فيهِ .. يرشِّفُ للوجودِ تألُّمَكْ مِنْ فرْطِ ما حَنَّتْ إليكَ سكينةٌ=دقَّقْتَ في نقشِ الربيعِ محرَّمَكْ ورسمْتَ وعدًا في الأثيرِ مخرَّقًا=بسهامِ عذرٍ قد أثرْنَ تكتُّمَكْ آنسْتَ صمتًا يا انسكابِ الحلمِ يا=وجعَ الحسينِ اللا يبارحُ موسِمَكْ مُذْ قالَ: " هلْ مِنْ ناصرٍ؟ " لم يستفِقْ=صوتٌ لَكَ .. وطنُ الخجالةِ لَمْلَمَكْ مُذْ كنتَ طفلاً كنتَ تسرِجُ موتَكَ ال=موعودَ تملأُ للحسينِ تقَدُّمَكْ وكبُرْتَ في عمرِ المعالي قامةً=عَبَرَ الخلودَ بها وللعَلْيَا سَمَكْ قد كنتَ تحرثُ في الضميرِ شهادةً=أشهى مِنَ العشقِ الذي قد تيَّمَكْ فكمالُ عشقِ الوالهينَ فناؤُهُم=ولكم تفانى العشقُ فيكَ وتوأَمَكْ تتقاسمُ الجرحُ المسمَّى بالحسي=نِ وكنتَ تمنحُ للشهادةِ عندَمَكْ الطفُّ لا ماءٌ سواكَ بهِ ارتوَتْ=كبدُ المروءةِ .. والوفاءُ تعَلَّمَكْ كانَ الزمانُ يعيشُ زيفًا حالكًا=واللهُ مِنْ نورِ القداسةِ أضرَمَكْ فصنعْتَ للبؤساِء معبِر فجرِهم=أوقدْتَ شمسًا ذاتَ صبحٍ تَمْتَمَكْ وغرسْتَ فينَا نورَ عزمِكَ إرثَنَا=متجذِّرًا .. عجزَ الفَنَا أنْ يختمَكْ عباسُ شيءٌ لا كشيءٍ زائلٍ=أنَّى لصلصالِ الفَنا أنْ يفهَمَكْ؟ لمْ يفهمِ الطفَّ الذي ظنَّ البَقَا=جسدًا .. وقد تاهَ الذي قدْ جسَّمَك