دور الاتراك الجزء الحادي عشر: الإمام الجواد عليهالسلام
قد حازت المعتصمَ الاتراكُ= فجيشهم وجمعهم فتّاكُ
أخوالهُ ومن بهم تقوّى= بغير رحمةٍ وغير تقوى
قد أغدق الأموالَ والضياعا= عليهم وأرخص المتاعا
مما آثار من خفيظة العربُ= وكثرت في أرض بغداد الكُربُ (1)
(1) لعلَّ من أخس أعمال المعتصم العباسي هو الميل الى أخواله الاتراك وجلبهم الى بغداد
وتسليطهم على العرب والفرس ، حتى عاثوا هناك فساداً ، وقد بلغ عدد الاتراك في زمانه
سبعين الف ، وتؤكد مصادر التاريخ انه قد صرف عليهم من الاموال الضياع وان تكوين
جيش منهم أضاع الشيء الكثير من خزانة الدولة ، ممّا أثر آنذاك على الوضع الاقتصادي
للدولة نتيجة هذا التبذير.
في سنة 220 ه تحول المعتصم من بغداد حيث بنى سامراء ، وذلك لانه إعتنى بأقتناء
الاتراك ، حيث بعث الى سمرقند وبعض النواحي في شرائهم ، وبذل فيهم الاموال
وألبسهم مناطق الذهب ، فكانوا يطردون خيله في بغداد ويؤذون الناس الى ان ضاقت
بهم البلد ، وشكى الناس ذلك الى المعتصم وهدّدوه باللجوء الى الله سبحانه بالدعاء عليه
فكان ذلك سبب بنائه سامراء وتحوّله اليها. تاريخ الخلفاء / 335.
وبلغت غلمانه من الاتراك بضعة عشر الف ، وكان يتشبّه بهم في مشيه. نفس المصدر.
وكان شاعر اهل البيت عليهمالسلام دعبل الخزاعي قد هجاه لاجل ذلك ولما خاف بطشه هرب
الى مصر اولاً ثم الى المغرب ، ومما هجاه به :
ملوك بني العباس في الكتب سبعة
ولم تأتنا في ثامن منهم الكتبُ
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة
غداة ثووا فيها وثامنهم كلبُ
وإني لأرفع كلبهم عنك رغبةً
لأنك ذو ذنبٍ وليس له ذنبُ
قد ضاع امر الناس حيث يسوسهم
وصيف واشناس وقد عظم الخطبُ
وهمّك تركي عليه مهانة
فأنت له أم وانت له أبُ
وهنا يشير دعبل في « وصيف واشناس » الى اثنين من الاتراك جلبهم المعتصم وقد استبدا
بأمر الخلافة دونه ، كذلك يشير في البيت الاخير الى غلام تركي إسمه « عجيب » ولع به
المعتصم كثيرا.
ومن الجدير ذكره هنا ان الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهالسلام قد ذكر في مغيباته
المعتصم العباسي فيمن يتولى الخلافة في بغداد بقوله عليهالسلام : وثامنهم كلبهم.
تتمة أخبار الخلفاء / 301.
المصدر : موقع شعراء أهل البيت (ع) - www.Shoaraa.com