عاشوراءُ
سيف ٌ يقطر ُدمًّا
صدّقْ أو لا
إنّكَ هذي الليلةَ تطرق ُ باب َعلي
ليسَ ككلِّ الأبوابِ
تطرقُ بابَ الله
تطرقُ بابَ هُداه
فاخلعْ نعلَيْكَ
إنّكَ تطرقُ بابًا كانَ رسولُ الله
يستأذنُ حتّى يسمعَ فاطمة :
ادخلْ أبتاه
تدخلُ بيتُا مخلوعَ البابِ
تصفرُ فيهِ الريح
تبصرُ جنحَ المَلَكِ الصالحِ جبريلَ
احذرْ لا تلمس ْ ذاكَ المسمارْ
كيلا تنكأَ جرحَ حبيبةِ طهَ
أو تكشفَ جرحَ الكرارْ
اقترِبِ الآنَ
ذاكَ مصلّى ( أمِّ حسين )
وهذا ( كاروك ) وديعةِ عباسٍ
وذاكَ حصيرُ إمامِ الثقلين
قَبِّلْ كلَّ الجدران
ابحثْ عن قارورةِ دمٍّ
واشهدْ قبلَ أذانِ الله
أن ْ لا إصبعَ في هذا الكون
إلا ويشيرُ إلى المطعون
منذُ قرون
والقارورةُ تشربُ من دمعِ وديعةِ عباسٍ
تأكلُ كسرةَ خبزٍ خَلَّفَها جوعُ علي
قالتْ فاطمةُ : يا بنَ العم ِّ
مسكينٌ عندَ البابِ
وحسينٌ يحملُ خبزَ الخبزِ الصومِ
تأكلُ منهُ الطيرُ
كان عليٌّ يتركُ جوعَ حسينٍ لرسولِ الله
يومَ رآهُ قبَّلَ منهُ الشفتين
والنحرَ الماثلَ فيهِ جمالُ الله
عندَ رسولِ الله
يقفُ عليٌّ كالصقر
يسألُ عن تقبيلِ النحر
عن علةِ تقبيلِ النحر
ويجيبُ رسولُ الله
حينَ تكونُ الدمعةُ فوقَ الخدين
عليٌّ يعلمُ بمصيرِ حسين
من أين َ
من أيِّ الأبوابِ
تخرجُ يا مولاي
حينَ يطاردُكَ الليل
لم يمهلْ شمسَكَ هذا الليل
كيما تمسحَ بالدفءِ رؤوسَ يتاماك
أو تنظرَ نظرةَ توديعٍ لحماك
أو تصرخَ بالملأِ المكيِّ هناك
أوَ كانَ طوافُكَ هذا آخرَ عهدٍ بالبيت
يا بيت
إنّي أتعجّبُ كيفَ تطوفُ القبلةُ حولَ البيت
يا بيت
إنّي أتعجّبَ كيفَ أخذْتَ قواعدَ إبراهيم
كي تصنعَ بيتًا فيك
ليحجَّ الناسُ بعاشوراءَ إليك
وعاشوراءُ سيفٌ يقطرُ دمًا
وعاشوراء خيامٌ حرَّقَها الأوغاد
وعاشوراءُ سهامٌ يطلقُها عاد
وعاشوراءُ إمامٌ
وعاشوراءُ حتوفٌ
وعاشوراءُ طفوفٌ
وعاشوراءُ كفوفٌ
وعاشوراءُ سماء
شرِبَتْ قبلَ الأرضِ دماء
عاشوراءُ
حجّةُ ربِّ الكونِ على الخلق
لا فرق
حين يكونُ ( الماي )
إمامك يا مولاي
ويكونُ القومُ الظلّام
سدَّ إرَم
قامَتْ يأجوجُ ومأجوجُ
والدودُ الأصفرُ ملءُ الصحراء
والماء
بينَ القربةِ والقبّةِ وصراخِ ( العطشانين )
لو تأتين
لحظةَ وقفَ العباسُ بلا كفّين
أأتاكَ حديثُ الكفّين
وحديثُ الصرخةِ ( خويه حسين )
وحديثُ النخلةِ حينَ تخبّئُ أشقاها
يحدّثُ أن تأتي زينبُ للنخلة
هزّي
هزّي
هزّي
زينبُ هزّت جذعَ الخيمةِ فاسّاقَطَ شررا
وتظلُّ تدور
زينبُ بينَ الأيتامِ تدور
يحدثُ أن تنظرَ زينبُ نحوُ أخيها
وإبرهةُ الآنَ يحيطُ ببيتِ الله
يحدثُ أن ترفعَ زينبُ كفَّيها
نارٌ وحديد
وصراخُ الصبيةِ يختلطُ الآنَ
بالنصرِ الكاذبِ للفيل
وقفَ الفيلُ أمامَكَ يا مولاي
أمامَكَ يا بيتَ الله
من أينَ ستطلعُ يا زينبُ طيرُ أبابيل
وحجارةُ هذا الكون
كلِّ الكون
صارَتْ حجرًا يُرمى فيهِ خيرُ جبين
نارٌ وحديد
وصفيرُ المنسيِّين
ووحيدٌ يدفَعُ بالجسدِ الناحلِ
يمسحُ عن عينيهِ دماء
نارٌ وعويل
وبينَ اثنين
وقفَ حسين
أوَ تعلمُ يا مولاي
أنَّ سهامًا خرقَتْ صدرَكَ كانَتْ تتشهّى تقبيلَ الصدر
وسيوًفا تتشوَّقُ كي تلثمَ هذا النحر
وخيولاَ داسَتْ منكَ الأضلاعَ
للآنِ تعتذر
مولايَ .. مولايَ إنَّ الخيلَ تعتذرُ
داسَتْ عليكَ ودمعُ العينِ ينهمرُ
حينَ اقترابِهِمُ لم ينظروا رجلاً
لكن جلالَ رسولِ اللهِ قد نظروا
وحيَن حولَكَ آلافٌ مطأطئةٌ
رؤوسُهُمْ كنتَ رأسًا لفَّهُ الكِبرُ
وحينَ كنتَ أمامَ الموتِ تطلبُهُ
والموتُ عندَ جلالِ اللهِ ينكسرُ
وحينَ لحيتُكَ البيضاءُ ماسكُها
شمر ٌ كأنَّ جدارَ البيتِ ينفطرُ
وحينَ نحرُكَ محزوزٌ كأنَّهُمُ
شهادتينِ من الإسلامِ قد نَحروا
وحينَ نيرانُ أهلِ البغيِ قد أكَلَتْ
خيامَكَ البِيضَ كانَ العرشُ يستعرُ
وحينَ يهرعُ أيتامٌ وثاكلةٌ
كأنّما الملأُ الأعلى سينشطرُ
وحينَ رأسُكَ فوقَ الرمحِ مرتفعٌ
دلالةً أنَّ صوتَ الحقِّ منتصرُ
وحينَ قبّتُكَ البيضاءُ ماثلةٌ
ملءَ الزمانِ دليلٌ أنّكَ القَدَرُ
وحينَ نتلوكَ يا مولايَ من ضنكٍ
كأنّما نزلَتْ في قلبِكَ السِّوَرُ
وحينَ نقرأُ قرآنًا وأدعيةً
نرى ضياءَكَ فيما يقرأُ البصرُ
مولايَ مولايَ إنّي جئتُ معتذرُا
فكنْ ملاذًا لِمَنْ قدْ جاءَ يعتذرُ