خرجْتُ مَعَ المبعدِينَ أسيرُ
أرصدُ الغربةَ، وأتصفّحُ ملامحَ التمرّدِ
ياللهِ! هؤلاءِ البشرُ ليسَ لهُمْ ملامحُ
سوى غربةٍ يستوحشُ منْهَا الليلُ الطويلُ
أريدُ أنْ أعْرُجَ في آثارِ الخالدينَ
أولئكَ مَنْ استأنسَ بغربتِهِمْ الليلُ
وركَعَتْ لهُمُ الصلاةُ وتكَشَّفَتْ
قدسيّةُ حروفِ القرآنِ على دويِّ ليلتِهِمْ
هناكَ كانَتْ محطاتُ المغادرةِ للخلودِ
ركبُوا يومَهُمُ الذي تقطَّعُوا فيهِ حبًّا للمعشوقِ
... صِرْتُ أستنطقُ كلَّ شيءٍ
هلْ كانَتْ كربلاءُ ثورةَ الإنسانِ؟
في كلِّ دورةٍ للأرضِ، أستنطقُ التاريخَ
على ضفافِ الطُّرُقِ أستنطقُ الوعثاءَ
في وجوهِ المسافرينَ، عن مسارِ المنجذبينَ
فوقَ الربواتِ أستنطقُ الريحَ، عنْ لواءِ الحسينِ
إنْ كانَ صوتُ رفيفِهِ يملأُ مَا بَيْنَ المشرقَينِ؟
في مساربِ الأنهارِ أستنطقُ المياهَ عنْ كفٍّ!
كيفَ استحبَّتِ القطعَ على اغترافِ غرفةٍ قبلَ المحبوبِ؟
على صفحاتِ وجوهِ الرُضَّعِ أستنطقُ ...
الدموعَ التي تستنزِلُ الرحماتِ
عنْ رضيعٍ ملامحُهُ تفيضُ بالرحماتِ!؟
يا خيرَ رجالِنا، ويا خيرَ نسائِنا
ويا خيرَ أبنائِنا، ويا خيرَ أنفسِنا
ما شهدَتْ لكُمْ آيةُ "المباهلةِ" بالتقتيلِ والسبيِ!
وعُدْتُ هائماً أسألُ المجاهدينَ عَنْ سَرِيّةٍ
تسلَّمَتْ رايةَ القلبِ فيها آيةَ "التطهيرِ"
وفي الميمنةِ "قلْ لا أسألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"
وفي الميسرةِ "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ..." ؟
ما حالُ منْ فيها؟ فَقَالُوا: سالَ
الحبرُ على أرضِ الصحراءِ
من المدينةِ إلى مكةَ فكربلاءَ
حيثُ احترقَتِ الأوراقُ بجنبِ مياهِ النهرِ
فَعُدْتُ أستنطقُ الأربعينَ
وأسمَعُ الصوتَ المقدَّسَ: "يا جابرُ
... يا أيّها الإنسانُ ... ها هُنا سالَتْ ..
دماءُ سيّدِ المرسَلينَ، ها هُنا ثورةُ اللهِ في العالمينَ"

Testing
عرض القصيدة