1
إلى الله فوقَ براقِ المواجعِ في ذكرياتِكَ
يسمُو بنا الشعرُ أطيارَ حزنٍ ترفرفُ بينَ الحروفْ
فينكشفُ الجرحُ عن مأتمٍ للجمالِ
يسائلُ :
ماذا تخبِّئُ خلفكَ من أغنياتٍ !!
يلحِّنُها الحبُّ للعاطلينَ عن الحبِّ
في كلِّ عامٍ يبيعونَ باسمِ العزاءِ جراحَكَ
حينَ احتوَتْكَ السيوفْ
فخُذْنا عريسَ الشهادةِ
ها نحنُ نطبعُ فوقَ جبينِ ( طفوفِكَ )
مقطعَ أحلامِنَا فانتهينَا إليكَ
أتيناكَ ظمأىً كيومِكَ يُلهبُنا الشوقُ سوطاً
نجرجرُ قيدَ العذابِ الأليمِ ..
نلمُّ خطاكَ التي أزهرَتْ بالفدى
فوقَ أرضِ ( الطفوفْ )
فتعشبُ فينا صلاةً سماويةً
وحقولاً مِنَ المجدِ تزهو ، وبيدرَ عزٍّ وحرّيةٍ
وقافيةً مِنْ حتوفْ
تحلّقُ فيها طيورُ الكرامةِ مجداً
وركبُ الأماني عليها يطوفْ
2
وجرحُكَ يروي عروقَ الفداءِ برغمِ الفضاءِ اليبابِ
وعطرُ الشهادةِ في ( كربلائِكَ ) يزكو
يعيدُكَ منكَ إلينَا
نضارةَ صبحٍ لهذي الحياةِ برغمِ الدخانِ ورغمِ الخسوفْ
و ( عاشورُ ) أيقونةٌ للوجودِ
نطلُّ عليكَ ..
نراكَ بكلِّ الوجوهِ الثكالى
تَفَتَّقتَ سنبلةً من جراحٍ
إلى أنْ تدلَّتْ علينا القطوفْ
قرأْنَاكَ في أعينِ البؤساءْ
أماناً كبيراً
يسيّجُ تلكَ القلوبَ التي أفزَعَتْها الفجيعةُ في ( كربلاءْ )
وحُلماً جميلاً يداعبُ جفنَ العيونِ التي أسهبَتْ في العذابِ
يغلِّفُها الحزنُ والشوقُ والذكرياتُ
لأجلِكَ يا جنةَ الشهداءْ
تهاوى بها السّهدُ مجروحةً في الظلامِ
على شفرةِ الحزنِ مغموسةً في البكاءْ
سقطْتَ فسالَتْ دِماكَ
بحيرةَ وردٍ يجدّفُ فيها الإباءْ
3
وكانَ ( الفراتُ ) حزيناً
يلملمُ ضوءَ الشموسِ
ويرحلُ نحوَ الخفاءْ
تموتُ الطيورُ على شاطئيهِ
وتسقطُ ظمأى
وتهوي الأزاهيرُ من ( هاشمٍ ) ..
ويخرُّ الصحابُ ..
تجفُّ على الطينِ آثارُهمْ
مطاعينَ ..
أشلاؤهمْ مسكنٌ للرياحِ
وطلاّبَ حقٍّ
قد ابتكرُوا الموتَ نهجاً
على أن يُهانُوا
فمدّتْ عليهمْ نخيلُ ( العراقِ ) ظلالَ المساءْ
وأكرمْ بِها أن تسيلَ الدماءْ
فمِنْ ها هنا الابتداءْ
إلى ها هنا الانتهاءْ
ويا أيُّ هذا المجرّدُ من كلِّ شيءٍ
سوى العزِّ يومَ المحرّمِ
تندى عليهِ الورودُ ..
تزاورهُ الطيرُ بينَ النبوّةِ جسراً وبينَ الإمامَهْ
يموتُ وكفّاه مرفوعتانِ
علامةَ رفضٍ
4
ويرفعُ للحقِّ هامَهْ
رأيتُكَ فوقَ ثغورِ المنايَا
علَى عَرَصاتِ ( الطفوفِ )
طريحاً يُحاصرُكَ الجيشُ ملقىً
وأنتَ تنادي : كرامَه كرامَهْ
أقولُ :
خطرْتَ ببالي
فقمْتُ أبلِّغُ باسمِكَ كلَّ الرسالاتِ
مِنْ أوّلِ الشعرِ حتّى انتهاءِ القصيدَهْ
وكنتَ تضيءُ قناديلَ روحيَ
عزماً
بكلِّ الدروبِ
وتدلقُ فيهَا زيوتَ العقيدَهْ
وإنَّ السيوفَ التّي مزَّقَتْكَ
وغاصَتْ بنحرِكَ حدَّ الصبابةِ
أذكَتْ فتيلةَ جُرحي وأَورَتْ وقيدَهْ
فداؤكَ قلبي
فأيُّكمَا اليومَ تحتَ السنابكِ
حزُّوا وريدَه !!
5
وفي ( الطفِّ ) كانَ الإلهُ
عليكَ يعَوِّلُ
في أنْ تُعيدَ الحياةَ لوجهِ الحياةِ
يُعدُّكَ فتحاً مبيناً
ونصراً لكلِّ المعاني المجيدَه
سقطْتَ ولم تسقطِ الأمنياتُ ..
تأرَّجتَ نسمةَ لطفٍّ من الخلدِ هبّتْ
وما جفَّ نُبلُكَ
إذْ كنتَ أنتَ على الأرضِ
رغمّ المنيّةِ .. رغمَ الجراحاتِ
رغمَ اغترابِكَ
حلمَ النفوسِ الشريدَهْ
ورأسُكَ مازالَ فوقَ الرماحِ
يرتّلُ سِفْرَ البطولةِ ..
يقرأُ باسمِ الإباءِ نشيدَهْ
سلامٌ عليكَ .. على ( كربلاءَ )
على كلِّ روحٍ بيومِكَ
خرّتْ بفيضِ الدماءِ شهيدَهْ